ورحمة ربك خير مما يجمعون

ورحمة ربك خير مما يجمعون، هذه الآية من الآيات التي تحمل الكثير من المعاني، ويشعر الإنسان حين يقرأها بالسعادة وانشراح الصدر، فالقرآن العظيم هو دواء لكل داء وشفاء لما في الصدور.

وهذا الكتاب من أعظم النعم التي منّ الله علينا بها، فدعونا من خلال موقعنا mqall.org أن نتحدث أكثر عن هذه الآية وما معناها، وما هي الدروس المستفاد منها.

ورحمة ربك خير مما يجمعون

قبل أن نشرع في تفسير هذه الآية العظيمة، لا بد أن نتعرف على السورة التي ذكرت فيها، وهذا سوف نبينه في عدة نقاط وهي:

  • حيث ذكرت هذه الآية في سورة الزخرف وتعد هذه السورة من السور المكية التي نزل في مكة.
  • كذلك تتكون هذه السورة من 89 آية، حيث ذكرت الآية التي نحن في صددها في الآية 32.
  • حيث قال الله تعالى:
    • (أَهمْ يَقْسِمونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْن قَسَمْنَا بَيْنَهمْ مَعِيشَتَهمْ فِي الْحَيَاةِ الدنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ.
    • لِيَتَّخِذَ بَعْضهمْ بَعْضًا سخْرِيًّا وَرَحْمَت رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ)

ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: تفسير: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون

ما المقصود بآية ورحمة ربك خير مما يجمعون؟

الجدير بالذكر أن هذه الآية ذكر فيها الكثير من المعاني، فعلماء التفسير فسروها كالآتي:

  • حيث ذكر الشيخ السعدي فيما معناه أن نعمة الدين تعد من النعم العظيمة وهي خير من النعم الدنيوية، ولذلك قال تعالى:
    • (ورحمة ربك خير مما يجمعون).
  • أما في التفسير الميسر فقيل:
    • أن هذه الآية تدل على أن دخول المسلم الجنة خير مما يجمعون من حطام هذه الدنية الزائلة.
  • كما قيل أيضًا في تفسير ابن كثير أن رحمة الله تعالى لعباده هي خير مما يمتلكون من أموال الدنيا ومتاعها.
  • أما تفسير القرطبي فقال: أن المقصود بـ رحمة ربك خير إما الرحمة هي النبوة، أو قيل: هي الجنة أو قيل: هي تمام الفرائض
    • وبل قيل أيضًا هي ما يتفضل الله سبحانه على عباده مما يجازيهم على أعمالهم.

خواطر في تفسير ورحمة ربك خير مما يجمعون

تجدر الإشارة إلى أن الشيخ محمد متولي الشعراوي ذكر بعض الخواطر في آية ورحمة ربك خير مما يجمعون فقال فيما معناه:

  • حكمة الله تعالى أنه قسم الناس ما بين غني وفقير فقال الله عز وجل: {نَحْن قَسَمْنَا بَيْنَهمْ مَّعِيشَتَهمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدّنْيَا.
    • وَرَفَعْنَا بَعْضَهمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: 32].
  • كما قال الشيخ لولا هذه القسمة ما استقامت حركة الحياة، ودليل أيضًا على أن الإنسان عاجز والحياة لا تسيير إلا بمنهج الله.
  • كما فسر الشيخ أن رحمة ربك خير مما يجمعون أنه يقصد بها الرسالة والمنهج الذي من خلاله يهتدي به الخلق، وهذا أفضل وخير عظيم.
  • فالمسلم مهما وصل إلى الرفاهية والترف والنعيم، فحتمًا سوف يموت ويترك ذلك ولا ينفعه.
  • أما الشيء الذي ينفعه هو منهج الله، بل ويجعله يعيش في هذه الدنيا في سعادة ويفوز في الآخرة.

ولا تتردد في زيارة مقالنا عن: تفسير: ومن الناس من يشتري لهو الحديث

ما هي الدروس المستفادة من هذه الآية؟

كما لا شك أن هذه الكتاب العظيم به الكثير من الفوائد والمواعظ والعبر، فلذلك يجب أن تمسك به وخاصة في عصرنا هذا فقد كثر فيه الفتن.

فمن أهم الدروس المستفادة من آية ورحمة ربك خير مما يجمعون:

  • عدم الغفلة وأن يشعر الإنسان دائمًا أن نعيم هذه الدنيا سوف يفنى، فلا يتعلق بها بل يجب أن يتعلق بالآخرة فهي دار الحق.
  • أيضًا الرزق بيد الله تعالى فليحرص الإنسان على أن يتوكل على الله وتسليم أمره له، فالله تعالى حكيم حيث يضع الشيء في موضعه.
  • كذلك يجب دائمًا أن يسعى الإنسان إلى الأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله فهي خير عظيم له في دنياه وأخراه.
  • كما أنه لا بد أن نحمد الله تعالى على كل شيء ونتقيه في حياتنا، فهذا هو الخير العظيم الذي يبقى ولا يفنى.

آيات عن عدم الاغترار بالدنيا

هناك الكثير من الآيات والأحاديث التي توضح لنا أن رحمة الله علينا بالنعم الدينية هي الأبقى والأعظم:

  • كما ﴿اللَّه يَبْسط الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر وَفَرِحوا بِالْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَا الْحَيَاة الدّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد: 26].
  • ﴿وَلَا تَمدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا لِنَفْتِنَهمْ فِيهِ وَرِزْق رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131].
  • كما ﴿ ثَوَاب اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [القصص: 80]
  • ﴿يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَتْكمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصّدورِ وَهدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمؤْمِنِينَ * قلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحوا هوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ ﴾ [يونس: 57، 58].

أحاديث عن عدم الاغترار بالدنيا

أما الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في أن الدنيا فانية والآخرة هي الأبقى:

  • “قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَه الله بما آتَاه” رَوَاه مسلِمٌ وَغَيره.
  • “وَلَرَكعَتَانِ يَركَعهمَا مؤمِنٌ، أَو ذِكرٌ للهِ يَرفَعه أَو دَعوَةٌ مِنه لِرَبِّهِ، خَيرٌ مِن كنوزِ الدّنيَا وَكلِّ مَا فِيهَا”.
  • كما “إِذَا اكتَنَزَ النَّاس الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ فَاكتَنِزوا هَؤلاءِ الكَلِمَاتَ: اللَّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ الثَّبَاتَ في الأَمرِ وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرّشدِ.
    • وَأَسأَلكَ شكرَ نِعمَتِكَ وَحسنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسأَلكَ مِن خَيرِ مَا تَعلَم وَأَعوذ بِكَ مِن شَرِّ مَا تَعلَم.
    • وَأَستَغفِركَ لِمَا تَعلَم إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّم الغيوبِ” رَوَاه ابن حِبَّانَ وَغَيره وَقَالَ الأَلبَانيّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ.

اقرأ أيضًا: تفسير وسبب نزول: من يتق الله يجعل له مخرجا

وبذلك يكون حديثنا عن آية ورحمة ربك خير مما يجمعون قد انتهى، فلنحرص على أن نتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ولا نتعلق بالدنيا فإنها فانية، وحتمًا سوف نتركها يومًا ما، والذي سوف يبقى معنا أعمالنا الصالحة وتكون لنا خير في الآخرة.

فمن رحمة الله علينا أنه جعل القرآن منهج حياتنا وسبيل وصولنا إلى الجنة بإذن الله.

مقالات ذات صلة