المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية، من منظور رؤيتنا لما حولنا، حيث يعني العيش في مجتمع أن هناك قواعد وقوانين وعادات وتقاليد أو أنماطًا معينة من السلوك مفروضة على الأفراد من قبل الجماعات، يجب احترامها واتباعها على قدر المساواة.

لذلك فإن آراء العديد من علماء الاجتماع خاطئة، حيث يعتقدون إن علم الاجتماع جاء للعالم للتخلص من الزمن، بلا قواعد وأنظمة، يعيش في حالة من الفوضى، غير مسيطر عليها، تهيمن عليها الغريزة.

وتهيمن عليها الرغبة وهي مرحلة من مراحل الواقع الإنساني الكامل التي لا يستطيع المرء تخيلها من الأنظمة الاجتماعية.

المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

تتمثل مهمة المجتمعات الأساسية في تنظيم سلوك الأفراد في مختلف الأنشطة الاجتماعية، سواء كانت قضائية أو سياسية أو عائلية أو تعليمية أو اقتصادية أو اجتماعية.

هذا التنظيم الاجتماعي ضروري في كل مجتمع لأن بدونه لا يمكن ترتيب الحياة الجماعية، وهذا ما تذكره المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية، وتتمثل في:

  • أول ما يجب الإشارة إليه هو أن علماء الشريعة الإسلامية القدماء لم يستخدموا مصطلح المسؤولية الجنائية في كتاباتهم، على الرغم من انهم وضعوا وشرحوا أحكام المسؤولية الجنائية.
  • يشير مصطلح المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية إلى:
    • إذا تسبب الجاني في إلحاق الضرر بنفسه أو بالمجتمع بسبب قيامه بأفعال محظورة، فان المسؤولية تتعلق بالضرر الجسدي والعقلي للجاني.

اقرأ أيضا: خصائص الشريعة الإسلامية

شروط المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

  • وفقًا للشريعة الإسلامية، فإنه من أجل أن تستند المسؤولية الجنائية على الفرد، يجب استيفاء ثلاثة شروط أساسية، وإذا لم يكن أي منها غائبًا، فلا يمكن الاحتجاج بها ضد الشخص الذي ارتكب الفعل.
  • هذه الشروط هي: أن يكون الشخص قد ارتكب فعلًا محظورًا بموجب الشريعة الإسلامية.
  • ويجب أن يكون ارتكاب فعل محظور من اختيار الفرد وليس الإجبار عليه، وأن يكون عاقلا وواعيا بعواقب أفعاله المحرمة.

مبادئ المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

إن أهم مبادئ المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية هي كما يلي:

  • هذه المسؤولية شخصية، وبالتالي فإن الشخص الذي يرتكبها فقط هو المسؤول عن الفعل المحظور، وبالتالي من المستحيل تحميل المسؤولية على الآخرين بغض النظر عن الأقارب أو الصلات بهم.
  • المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية تستند فقط إلى المتهم، أي بموجب الشريعة الإسلامية، فانه لا يتحمل الأطفال والمرضى عقليًا المسؤولية الجنائية.
  • المسؤولية الجنائية في الإسلام مبنية فقط على الأشخاص ولا تستند أحكام المسئولية على الجماد أو الحيوانات.

شروط قيام المسؤولية الجنائية على الشخص

  • أن يصبح الفرد المسؤول عن الجريمة ما زال حيا عند رفع الدعوى بالمسؤولية الجنائية، وبالتالي لا مسؤولية جنائية على من فارق الحياة، إذ تقضي القاعدة الفقهية العامة بان الموت يُسقط التكاليف إسقاط المسؤولية الجنائية عليه.
  • لم تعترف الشريعة الإسلامية للأشخاص بالمسؤولية الجنائية، لأنها ترى أن أحكام هذه المسؤولية يتم بنائها في الأساس على الوعي والاختيار، وكلا هذين الأمرين لا يتوافران في الشخص الفاقد الأهلية.
  • ولكن في حال صدر الفعل المحرم من هذا الذي يتولى مصالحها، فان أحكام المسؤولية الجنائية تقوم في مواجهته، ويصبح مسؤولاً عن فعله.
    • أمّا الشخص المعنوي، فقد عرّفه فقهاء الشريعة بأنه عبارةٌ عن شخص قادرٍ على تحمّل الالتزامات واكتساب الحقوق شـنه شأن الإنسان الطبيعي.
    • وقد ذكروا أمثلةً عليه مثل: بيت المال، أو المدارس، أو المستشفيات، أو الملاجئ وغيرها من الأشخاص.

شخصية المسؤولية الجنائية

  • من القواعد الرئيسية في الشريعة الإسلامية أن المسؤولية الجنائية شخصية، فلا يتحمل أحد غير الجاني المسؤولية عن جريمته، ولا أحد مسئول عن جرائم شخص آخر، بغض النظر عن درجة القرابة أو الصداقة بينهما.
  • وقد وضع القرآن الكريم أساس العدل هذا في كثير من آيات القرآن الكريم، ذلك في قول الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ).

تطبيق مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

  • منطلق شخصية المسؤولية الجنائية يطبق بشكل مدقق في الشريعة الإسلامية من يوم تواجدها وليس لهذا الأساس العام إلا مستثني فقط، وهو تحميل الإنسان دفع الدية مع الجاني في التشابه بين التعمد والفعل الخاطئ.
  • وأساس هذا الاستثناء الوحيد هو تحقيق العدالة الغير مشروطة أي نفس الأساس الذي قام عليه مبدأ شخصية العقوبة، لأن تطبيق هذا المبدأ على دية شبه العمد والخطأ لا يمكن أن يحقق العدالة المطلقة بل إنه يؤدي إلى ظلم فاحش.

رأي الفقهاء في المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

  • يرى علماء الفقه أن قدرة الشخص العاقل على دفع الدية مأخوذ من قانون فرض العقوبة، حيث يرى إنه ليس في فرض الدية على البالغ العاقل الأخذ مكان الجاني، ولكنها تفرض على القاتل.
    • وأوجب على هؤلاء كونهم معه في تحملها من خلال تطبيق المواساة دون ارتكابهم أي ذنب جنائي.
  • إن الله فرض في أموال من هم على استطاعة ومقدرة، فواجب عليهم إعطاء الفقراء، وذلك فرض عليهم وليس لتكفير ذنب تم ارتكابه، بل لتحقيق المساواة.
    • وكان أمر الله جار بصلة الرحم بكل سبيل وطريقة ممكنة، مثل أمره ببر الوالدين، وتلك جميعها أمور مفروضة لنشر المواساة ونشر التسامح.
    • فذلك أمر الشخص البالغ العاقل بدفع الدية عن القتل بدون قصد، ومن على ناحية المواساة فتكون من غير طغيان.
    • وإنما يجب على كل شخص منهم دفع ما هو متأخر عليه من مال الصدقة، فهذا مما تم تكليفهم به من متممات الأخلاق.
  • وفي حال ذكر موضوع الدية، فإن ذلك الأمر انتشر في الحروب قبل الإسلام وذلك من منطلق التفوق الأخلاقي الذي كان سائدا في ذلك الوقت.
    • والذي فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوضح فيه مكارم الأخلاق، وأن هذا من صميم هذه المكارم، وكذلك من أساس العادات والتقاليد.

كما أدعوك للتعرف على: مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية

تحمل المجني عليه المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية

انتهاك حرمة الأموات

  • إن جريمة الاعتداء وانتهاك جثة أحد الأموات لا يتم الاعتراف بها، حيث أنه لم يعد إنسانا بل أصبح رفاة وأن الميت لا يصبح مجني عليه.
  • لكن من باب احترام حرمة الميت تقوم الشريعة بمعاقبته باعتباره منتهك لحرمه الميت، وهنا يظهر الجانب الإنساني في احترام الميت وحرمة المكان المدفون فيه.

شتم الأموات

  • إن ما جاءت به الشريعة الإسلامية ومن أهم مبادئها أن قيام الدعوى لا يتم البث فيها إلا عند قيام المقذوف أو الذي تعرض للقصف بإقامة الدعوى، لأن هذه الجريمة تخص بالمقام الأول الذي تعرض للقذف وهو المجني عليه وتتصل به وبسمعته.
  • ولأن هذا الجاني له كل الأحقية في إثبات حادث الشكل وإن استطاع أن يثبت هذه الواقعة، ففي هذه الحال يصبح الذي يتعرض للقسم هو المسؤول الأول عن الواقعة أو عن الكلام الذي تعرض له سواء شتم أو سب.
    • ولذلك يتم تعليق البت في الدعوى على أساس الشكوى المقدمة من المقذوف، فإن قام بالبدء فيها فستصبح الدعوى سارية.
  • وإن كان الذي تعرض للقذف على قيد الحياة، فإن له الحق في رفع الدعوى والتقاضي، أما إذا وافته المنية وذلك قبل أن يشتكي فليس لورثته الحق في رفع قضية أو التقاضي.
    • أو فرض الخصومة على الشخص الآخر، وفي حال موت الشخص قبل العلم بالشتم فله الحق أن يشتكيه ولكن إذا مات أو إذا وافته المنية بعد الشكوى فله الحق أو له كل الحق أن يرى دعوى القذف.
    • كما إن دعوى القذف ليست حقا ماليا حتى تورث.

كما يمكنكم الاطلاع على: قانون الإجراءات الجنائية المصري

وبذلك في نهاية المقال عبر موقع مقال mqaall.com نكون قد ذكرنا كل ما يخص وكل ما يدور حول المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية.

التي تقع على مرتكب أي عمل منافي للشريعة الإسلامية على حسب ما جاء بها، والمطلوب منا أو الاستفادة العامة من هذا المقال هو اتباع شريعتنا الإسلامية.

مقالات ذات صلة