اللهم ارحم أبي وأمي

للوالدين في الإسلام مكانة عظيمة، كيف لا وهما من تلقياني في الحياة وليدًا، وحملاني على أكف الراحة لأنمو أمام عينيهما، حتى بلغتُ أشدي وواجهتُ الحياة، اللهم احفظ أبي وأمي، اللهم اعف عن أبي وأمي، اللهم ارحم أبي وأمي

اللهم ارحم أبي وأمي

يدعو كل منا لوالديه بالرحمة والمغفرة، سواء كانوا أحياء أو أموات، فبر الوالدين من العبادات التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.

ووردت بذلك الكثير من الآيات والأحاديث، وقد جعل الله منزلة بر الوالدين تأتي بعد منزلة الإيمان بالله تعالى، فلندعو لهما، اللهم ارحم أبي وأمي

مكانة الأب في الإسلام

جعل الدين الإسلامي للأب مكانة عالية رفيعة، لأن الأب هو من يقوم بتأسيس الأسرة.

وهو المسؤول عنها ماديًا ومعنويًا، وهذا أمر لم يغفل الشرع عنه فحدد حقوق الأب وواجباته.

فإذا غاب الأب عن أسرته فقدت جانبًا مهمًا منها، فالأب عنصر يعز غيابه عن الأسرة.

شاهد أيضًا: دعاء للوالدين بطول العمر

حقوق الأب على أسرته

حدد الشرع الإسلامي حقوقًا للأب على أسرته، ومن هذه الحقوق:

  • جعل الدين الإسلامي تحديد النسب عائدًا للأب، ويستمر هذا الأمر تاريخيًا، كما ورد عن قوله تبارك وتعالى في سورة الأحزاب: “أدعوهم لآبائِهمْ هوَ أقسطُ عندَ اللهِ”.
  • حق قوامته: وذلك بقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” {النساء:34}، وهذه القوامة تحقق للأب:
  • تمنح الأب سلطة (حسية) على أسرته.
  • الحكم الإسلامي فيه عدل، لأن الأنفاق ماديًا يجب أن يقابل يجب أن يقابل بالقوامة.
  • يحصل الأب على سلطة لأسرته.
  • فيها تكريم رباني للرجل.
  • حق حضانته لأبنائه: فقد ضمن الشرع هذا الحق للأم، وللأب أيضًا، وهذا الحق يمنحه:
    • ضمان تربية أبنائه.
    • كذلك ضمان النفقة عليهم.
    • ضمان تربيتهم تربية صالحة في المجتمع.
  • حق الإحسان للأب: فحق على الأبناء أن يحسنوا إلى والدهم في كافة مراحل عمره، والإحسان إلى الأب يشمل:
    • طاعة أوامره.
    • اجتناب مجادلته ولو كان محقًا.
    • الصبر عليه عندما يهرم.

مكانة الأم في الإسلام

حظيت الأم بمكانة عالية في الإسلام، ومنحها حقًا أعلى من حق الأب، لتحمّلها مشاق الحياة من حمل وإرضاع ومهام تربوية، وجعل برها مقدمًا على بر الأب، وإن كان الاثنان مطلوبان.

حقوق الأم على أبنائها

للأم حقوق كثيرة على أبنائها، ومنها:

  • الإحسان إليها: ويتضمن الإحسان للأم:
    • توصيل كل فائدة إليها، ودفع كل مكروه عنها.
    • حسن صحبتها وذلك في صحتها ومرضها، وحتى في حال غيابها أو سفرها.

الاهتمام بها ويشمل:

  • ألا ينشغل أثناء حديثه إلى أمه بهاتف أو كتاب، لأن ذلك من سوء الأدب معها.
  • الصبر على غضبها وتحمل هيجانها.
  • كذلك محاولة إرضائها بحسب استطاعته.
  • كذلك العمل على خدمتها ومساعدتها، حتى وإن لم تكن في مرض.
  • أن يقدم لها ما تحتاجه من ماله الخاص، وإن تطلب منه ذلك دفع المزيد من المال لشراء حاجياتها أو دوائها.
  • أيضا استمرار حديثه إليها والسؤال عنها في حال اضطر أن يغيب عنها.

آيات عن بر الوالدين

اللهم ارحم أبي وأمي فقد جاء في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحث على البر ومنها:

  • (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً، رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً} (23ـ25من سورة الإسراء).
  • (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تطِعْهمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُنْيَا مَعْروفًا)، سورة لقمان الآية ¹⁵.
  • (وَاعْبدواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقرْبَى وَالْجَارِ الْجنبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يحِب مَن كَانَ مخْتَالا فخورًا)، الآية ³⁶ من سورة النساء.
  • “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تشركوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” [الأنعام:151].

أحاديث عن بر الوالدين

اللهم ارحم أبي وأمي فقد وردت الكثير من الأحاديث الصحيحة عن برهما والإحسان إليهما، ومنها:

  • ذكر البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال:” سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأعمال أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل؟ قَال.
    • الصَّلاَة عَلَى وَقْتِهَا قَال: ثمَّ أَيٌّ؟ قَال: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ “
  • ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال.
    • جاء رجل إلى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يستأذنه في الجهاد فقال:” أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد”.
  • عن أبي هريرة حيث قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ.
    • ثمَّ أمُّكَ، قالَ: ثمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ).
  • ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” رغم أنفه. ثمّ رغم أنفُه. ثمّ رغم أنفُه. قيل: من؟ يا رسولَ اللهِ! قال: من أدرك والديه عند الكبرِ، أحدَهما أو كليهما، ثمّ لم يدخلِ الجنّةَ “.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، و سخطُهُ في سخطِهما).

اقرأ أيضًا: دعاء اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان

أدعية للوالدين من القرآن والسنة

هناك الكثير من الأدعية التي وردت في القرآن والحديث، مقصدها الوالدين، ومنها:

  • (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب).
  • كذلك (رب اغفر لي وللوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات.)
  • (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه.)
  • كذلك (رب اغفر لي ولوالديَّ رب ارحمهما كما ربياني صغيراً).
  • (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالديَّ وللمؤمنين يوم يقوم لحساب).
  • روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال، عن الرسول صلى الله عليه وسلّم قال: (ثلاث دعَواتٍ مستَجاباتٌ لا شك فيهِنَّ دَعوة الوالِدِ، ودَعوَةُ المسافِرِ، ودعوَةُ المَظلومِ)

كيف أدعو لوالدي؟

هنا نماذج من الدعاء يمكن أن تستخدمها أثناء الدعاء للوالدين، ومنها:

  • رب اغفر لوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا، اللهم يا من يبسط يديه بالعطايا، ابسط على والدي من الواسع وجودك الكبير، ما تنور به دربها لعبادتك.
  • اللهم هيئ لوالدي الدرب للأنس بك والعمل وفق ما يرضيك.
  • اللهم بارك لوالدي في أعمارهما؛ بركة يهنآن. بها في عيشهما، وألبسهما د ثوب العافية في قلبهما وروحهما وعقلهما وجسدهما.
  • واللهم اغن والدي من فضلك وأعنهما في حلهما وترحالهما وذهابهما وإيابهما.
  • اللهم أطل في عمريهما وألهمهما في صحتهما ودينهما العافية الدائمة.
  • اللهم ارحم أبي وأمي.

شاهد من هنا: دعاء للميت بالرحمة والمغفرة مكتوب

وخاتمة القول فإن دعائي لوالدي مجلب لرزقي وممحاة لذنوبي، ووسيلة لنجاح حياتي، وسر توفيقي، اللهم أدم أبي وأمي، اللهم اهد أبي وأمي لما تحب وترضى، اللهم ارحم أبي وأمي.

مقالات ذات صلة