تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

تعتبر سورة الحج من أعظم سور القرآن، وسميت بهذا الاسم تمجيدًا لفريضة الحج، وهي من سور القرآن المكية، وهي تحتوي على ثمان وسبعين آية.

وهي في الجزء السابع عشر، وسنقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

من أجل أن نتمكن من فهم المعنى المقصود من الآية (ذلك وَمَن يعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقلوبِ}، سنقوم بطرح الأفكار التالية:

  • إن المعنى العام للآية الكريمة (ذلك وَمَن يعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقلوبِ).
    • هو أن يقوم المسلمين بتعظيم وتبجيل كل أوامر الله وتعاليمه وشعائره على المطلق.
    • ويقصد بشعائر الدين (كل ما هو معروف وبارز من تعاليم رب العباد) والمثال هنا عن الحج أي مثلًا السعي بين الصفا والمروة.
    • وكذلك تقديم القربات والهدايا لوجه الله تعالى.
  • كما يقول المفسرين أن من معاني تعظيم شعائر الله هو إجلالها واحترامها.
    • والقيام بها وأدائها من قبل المسلم على أتم وجه يستطيع أن يقوم به.
  • كما يكون من أوجه تعظيم شعائر الله أن يقوم المسلم بأدائها بكل إخلاص لله دون تذمر أو تباطؤ.
    • وأن ينتقي الأفضل منها عند تقديم القربات لله عزّ وجل.
  • كما تتابع الله الكريمة أن القيام بتعظيم شعائر الله من قبل المؤمن دليل على تقوى قلبه ونقاء سريرته.
    • وذلك لأن تعظيم شعائر الله والقيام بها على أتم وجه يدل على تعظيم المؤمن لخالقه وربه عزّ وجل.
  • قال الواحدي في تفسير قوله تعالى (ذلك وَمَن يعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقلوبِ).
    • هو أن يقوم المسلم بتسمين البدن لكي يقربها لله.
  • وقال البغوي في تفسير الآية هي أن يجتنب المسلم في الحج الرجس و قول الزور.
  • وقال عبدالله بن عباس في تفسير الآية أن شعائر الله هي الهدى.
    • أي أن قيام المسلم بتعظيم شعائر الله أي يقوم بتسمين الهدى فذلك يدل على تقوى قلب المسلم.

شاهد أيضا : فوائد سورة العنكبوت الروحانية

إظهار الفصاحة في تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

عندما نقوم بتفصيل عظيم كلام الله في هذه الآية، لابد أن نتطرق إلى:

  • إن من عظيم فصاحة كتاب الله وبلاغته أن يقوم بتعميم الحكم أو تعميم المعنى.
    • ثم بعد ذلك يقوم بتخصيص بعض الأمور.
    • وعند ذلك سوف يدخل الخاص ضمن العام حكمًا.
    • ولا يمكن إخراجه بحالة من الحالات، وهذا ديدن كلام الله في القرآن أي التعميم ثم التخصيص.
    • فنرى في سياق آيات السورة وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}.
    • أي أن الله تعالى جعل البدن من شعائر الله ولذلك كان الصحابة الكرام يقومون باختيار البدن السمان، ويعتبرون ذلك من تعظيم شعائر الله،
  • كما جاء تخصيص آخر في سياق سورة الحج قول الله عزُ وجل إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ}.
    • أي جعل الله تعالى السعي بين الصفا و المروة هي من شعائر الله.
    • وبالتالي لابدّ من تعظيمها كي ينال المسلم بذلك درجة التقوى.
    • وعليه لابد للحاج أو المعتمر أن لا يتهاون في السعي بين الصفا والمروة.
    • وأن يؤديها على أتم وجه.
  • كما جاء في سورة الحج الآية الكريمة (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُو خير لهَ).
    • حيث أن هناك فارق في الفقه الإسلامي بين الحرمات والشعائر.
    • الشعائر كما وسبق هي مناسك الدين والتعليمات البارزة فيه.
    • أما الحرمات فلها معنيين فهي إما أن تعني الأماكن والأوقات التي لها حرمتها كالبيت الحرام، والشهر الحرام، والأشهر الحرم.
    • وشهر رمضان، كما يُقصد فيها أحيانًا الأمور التي حرمها الله، والحدود التي لا يجب على المسلم أن يقع فيها.
  • حيث أنه مَن عظّم شعائر الله ومناسكه التي أمرنا بالقيام بها، فهو معظم لله تبارك وتعالى.
    • فلولا تقوى الله التي ملأت قلبه لما عظم مناسكه.
    • كما أنّ اجتناب النواهي والمحرمات التي نهانا عنها رب العالمين تعتبر أعظم الأبواب لكسب الحسنات وغفران الذنوب ورفع درجات المسلم عند ربه.

تفسير : ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب عند السعدي

أما تفسير هذه الآية عند السعدي فهو كما يلي:

(الذي ذكرنا لكم من تلكم الأحكام، وما فيها من تعظيم حرمات الله وإجلالها وتكريمها، لأنّ تعظيم حرمات الله، من الأمور المحبوبة لله.

المقربة إليه، التي من عظمها وأجلها، أثابَه الله ثوابا جزيلًا وكانت خيرًا له في دينه، ودنياه وأخراه عند ربه”. وحرمات الله تشمل كل ما حرَّمه الله تعالى.

وأمر الناس بأن تحترِمَهُ سواءً عبادة أو غير ذلك كالإحرام والحرم والمناسك والهدي والعبادات التي أمر الله العباد الإتيان بها، وكذلك المناسك.

فتعظيمُ كل هذه الأمور وإجلالها ومحبتها وإكمالُ العبوديةِ فيها من غيرِ كسلٍ ولا تهاونٍ ولا تثاقل هي من تعظيم حُرمات الله.

وذكرَ الله تعالى إحسانهُ لعبادِهِ بما أحلهُ لهم من الإبل والبقر والغنمِ وبهيمةِ الأنعام.

وعدها من جملة المناسك التي يتقربُ بها العبدُ لله تعالى، ومن نعمتهِ وإحسانه أيضًا ما ذكرهُ بعد ذلك من تحريمه ما يتلوه على عبادِهِ وهذا تزكيةً لنفوسهم وتطهيًرا لهم من الشرك وقول الزور).

اقرأ أيضًا: فضل سورة المنافقون

معاني مفردات الآية

بعد تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لابد من ذكر معاني المفردات، حيث وردت في كتاب معاني مفردات القرآن كما يلي:

  • يُعَظِّمْ: من الفعلِ عَظَّمَ ويعني بجَّل، ويقال عظَّم والدَه أي كبَّره وفخَّمه، بجَّله، وقَّره، احترمه وأجلَّه.
  • شَعَائِرَ: جمعُ شَعِيرَة، ويقال الشَّعَائِر الدِّينِيَّةِ أي مَظَاهِرُ العِبَادَةِ وَتَقَالِيدُهَا وَمُمَارَسَتُهَا ومنها قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}، ويقال شَعَائِرُ الْحَجِّ أي أَعْمَالُهُ، ومَنَاسِكُهُ، الشَّعِيرةُ هي ما ندب الشرعُ إِليه، وأمر بالقيام به.

أسباب نزول الآية

إن السبب الأساسي لنزول الآية (ذلك وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) هو وجوب تعظيم المسلم لربه عزّ وجل عن طريق تعظيم شعائره ومناسكه.

فيكذب من يدعي تعظيمه و توقيره لربه وهو لا يولي أي تعظيم لمناسكه و أوامره، يقول ابن تيمية: (فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله سبحانه وتعالى.

والرسالة لعبده ورسوله، ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام، الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل.

كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه، وكان ذلك موجبًا لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه من المنفعة والصلاح).

إعراب الآية

لا يمكن أن يكتمل تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب إلا بتبيان إعرابها، وهو كما يلي:

  • وَمَنْ: الواو استئنافية، ومن اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ، والجملة بعد الواو من يعظم جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.
  • يعَظِّمْ: فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر، والجملة الفعلية في محل رفع خبر مَن.
  • شَعَائِرَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

شاهد من هنا: فضل سورة التغابن

وبالتالي نرى أن تفسير: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب بينت أهمية القيام بالشعائر و المناسك التي أمرنا الشارع الحكيم، وذلك كدليل على التقوى وإجلال العبد لربه عزّ وجل.

مقالات ذات صلة