تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله هو من أكثر ما يسأل عنه المسلمين، وذلك لرغبتهم في تجنب المكر وألا يكونوا من أهله.

وفي السطور القادمة سوف نتعرف سوياً على ما هو تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

في البداية لابد لنا أن نعرف أن هذه الآية قد ذُكرت في سورة فاطر، وجاء تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله كالآتي:

  • تعد سورة فاطر من أكثر السور التي تصف بدقة معاندة الكافرين للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وإعراضهم واستكبارهم و دعاويهم الباطلة.
  • وذلك جاء في قوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}.
  • وهذه الآية هي رقم 43 من السورة، وهي بمثابة إخبار من الله تعالى عن حال الكافرين وأنّهم قد أقسموا أنهم في حالة بعث الله لهم نذير، فسوف يؤمنوا به و بالرسالة التي جاء بها.
  • ولكن عندما جاء رسول الله ودعاهم لاتباع دعوته الحق، استكبروا وأعرضوا وأصبحوا يحاربوه بشتّى طرق المحاربة.
  • فبالتأكيد هذا قسمهم لا يعد إلّا استكبارًا على الناس، والهدف من القسم هذا هو الخداع والمكر فقط.
  • ولكنّ قد أصبح مكرهم هذا هو المدمر لهم، وذلك لأن المكر السيئ والخداع لا يحيق إلّا بأصحابه.

شاهد من هنا: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها تفسير ابن كثير

معلومات عن سورة فاطر التي جاءت بها الآية الكريمة

سورة فاطر هي إحدى السور المكية، كما تعتبر من السور المثاني، حيث أن عدد الآيات هو 45 آية، وتتميز سورة فاطر بأهميتها الكبيرة في وسط سور القرآن الكريم، وذلك للأسباب الآتية:

  • السورة هي رقم 35 في ترتيب سور القرآن الكريم.
  • كان قد بدأها الله عز وجل بالحمد والثناء على نفسه، وذلك في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
  • ومعنى اسم فاطر، هو أحد أسماء الله الحسنى، والسورة قد نزلت بعد سورة الفرقان، وهي أيضاً تقع قبل سورة يس وقبل سورة سبأ.
  • وقد قال ابن عاشور أنّ سورة فاطر تمت تسميتها أيضاً بسورة الملائكة.
    • وذلك في عدد كثير من المصاحف، إلى جانب كتب التفسير والحديث مثل سنن الترمذي وصحيح البخاري.
  • وهذان الاسمان يرجع السبب في إطلاقهما على السورة هو بداية السورة به.
    • حيث قد ذكر بها كلمة فاطر، والسورة نفسها تتحدث عن الملائكة.
  • كما قد تحدثت السورة في أخرها عن الكافرين.
    • وقد وضحت عقوبة من يمكر ويخدع وسنن الله في التعامل معه.
    • وذلك سوف نتعرف عليه من خلال تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

 معنى و تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، بالشرح التفصيلي

كان قد ذكر الإمام الطبري عندما قام بتفسير هذه الآية الكريمة أهم التفسيرات، فهو يعد من أهم ما قيل في تفسيرها، وهو كالاتي:

  • أنّ الكفّار قد نفروا واستكبروا في الأرض جبروتاً وتكبرّا وخديعةً سيئة للمسلمين.
  • وذلك بقيامهم عمداً بصدِّ الضعفاء من الناس عن الدخول في الدين الإسلامي ومنعهم من إتباع النبي.
  • وجاء معنى المكر في هذه الآية الكريمة ألا وهو: الشرك.
    • وقد قال قتادة أنّ “مكر السيئ”، وهو يقصد به الشرك.
  • وقد تم إضافة كلمة السيئ إلى المكر، وذلك من باب إضافة الصفات إلى الموصوف بها.
    • وذلك مثل قولنا حق اليقين أو غيرها من الصفات التي قد أضيفت فيها الصفة إلى الموصوف.
  • ومعنى “لا يحيق المكر السيئ إلّا بأهله”.
    • هنا في الآية هو المقصود به أنّ مكروه المكر لا يقع ولا يحل إلّا على من هم أصحابه وأهله الذين مكروه.
  • وفي قوله تعالى: “فهل ينظرون إلّا سنّة الأولين”.
  • معنى الآية هنا هو فهل ينتظر تلك المشركون الذين قد وجدوا في قوم سيدنا محمد إلّا أن تأتيهم سنّة الله وعقاب من مكر في الدنيا بشكل عاجل.
  • فسوف يقع عليهم العقاب الأليم من الله سبحانه وتعالى، وذلك بسبب كفرهم وشركهم.
  • فهنا سنّة الله أن لابد من وقوع العذاب على من يكذب رسل الله من الأمم السابقة.
  • وبالتأكيد هذا سوف لا يتغير لأن الله تعالى إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون ولا مردّ لقضائه سبحانه وتعالى.

ابن كثير يوضح معنى تفسير: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

تطرق الإمام ابن كثير في تفسيره لتلك الآية إلى عدة جوانب وهي جاءت كالاتي:

  • قال الإمام أنّ هؤلاء الكفار قد استكبروا ورفضوا اتباع آيات الله، كما قد مكروا بالناس.
    • وذلك من خلال محاولة صدّهم عن اتباع سبيل الله القويم وهدى النبي.
  • ولكنّ مكرهم هذا بالتأكيد سوف يعود ويرجع وبالًا عليهم دون غيرهم.
  • كما قد جاءت في بعض الآثار عن رسول ” صلى الله عليه وسلم” التي تُحذّر المسلمين من الوقوع في المكر السيئ.
    • وذلك لأنه سوف يرجع ويعود بالخسارة على أهل وأصحاب هذا المكر في نهاية الأمر وسوف ينالوا سوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
  • كما قال محمد بن كعب القرظي: ثلاثٌ صفات من فعلهن لم ينجُ إلا بعد أن ينزل به العقاب من الله.
    • وهذه الصفات هي البغي والمكر والنكث.
    • كما قد استشهد بالقرآن الكريم في قوله تعالى.
    • {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.
    • وأيضاً في قوله في سورة يونس: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم}.
    • وكذلك في سورة الفتح: {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ}.
  • وتأتي بقية آيات المكر في سورة فاطر لتوضح وتبين أن هؤلاء الكفار لا ينتظرون فقط سوى العقوبة من الله لهم.
    • وذلك بسبب تكذيبهم للرسل ومخالفتهم أمر الله في كل شيء.
  • وذكر الإمام أيضاً أن سنن الله في ذلك بالتأكيد لا تتغير أو تتبدل.
    • حيث أنه سوف يقع العذاب على كل شخص ماكر كاذب مخادع لغيره.
  • كما أن الماكر لا يتمكن من إدراك وكشف أو رد عذاب الله سواء على نفسه أو على غيره.
    • فهو واقع لا محالة على من يستحقه.

اقرأ أيضًا: فضل سورة المطففين

تفسير ابن عاشور لآية المكر في سورة فاطر

جاء الكثير من التفسيرات حول آية لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، ومن بين هذه التفسيرات تفسير ابن عاشور، وجاء كما يلي:

  • في البداية قال ابن عاشور أنّ المكر يقصد به إخفاء الأذى، وهو أمر سيئ.
    • وذلك لأنّه هنا جاء منافٍ للأخلاق الكريمة.
  • وتزامن مع وصف المكر صفة السيئ، ويعد هذا الوصف هو وصف ملازم وكاشف عن حقيقته.
  • وكان المكر واقع من الكفار على الرسول” صلى الله عليه وسلم” وأصحابه وأتباعه.
  • فالكفار هنا يقابلون من أراد لهم النفع والصلاح والنجاة في الدنيا والآخرة بإلحاق الضرر به.
    • وإخفاء الشر له.
  • و جاء في التفسير معنى كلمة يحيق، بمعنى ينزل.
    • أي ينزل على الإنسان الشيء السيئ المكروه وبعدها يحيط به بالسوء من كافة الجهات.
    • فلا يتمكن صاحب المكر السيئ من رده أو دفعه عن نفسه، وهو لا يصيب أحداً إلا هو.

شاهد أيضًا: فضل سورة التين

وفي الختام وبعد أن استعرضنا بالشرح والتوضيح تفسير: لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، يمكننا القول أن هذه الآية تعد أحد أشكال البلاغة العظيمة في القرآن الكريم.

فما من أحد قد تلى سورة فاطر إلا وقد استوقفته هذه الآية ليبحث عن تفسيرها ومعناها، فالمكر دوماً ما يؤدّي إلى انتشار الظلم والفساد في الأرض والله لا يحبّ ذلك.

مقالات ذات صلة