هل شهادات الاستثمار حلال أم حرام

شهادات الاستثمار هي شهادات تمنح للأفراد مقابل قيامهم بإيداع مبالغ معينة للبنك، ويستفيد الأفراد من فوائدها بعد ذلك، وفيما يلي سنحاول توضيح تحليل أو تحريم هذه الشهادات.

رأي دار الافتاء المصرية في شهادات الاستثمار

يرى علماء دار الافتاء المصرية أن الفوائد الناتجة عن ايداع المال في البنك سواء كان عن طريق فتح حساب أو عن طريق شراء شهادات الاستثمار هو حلال إلا إذا كان العائد منها ثابتًا، فهنا اختلف العلماء بين تحليلها وتحريمها.

وهناك بعض العلماء الذين أفتوا بأن شهادات الاستثمار حلال في حال كانت الارباح متغيرة وليست ثابتة، فالأرباح الثابتة تُدخِل هذه الشهادات في حكم الربا وهو محرم في ديننا الاسلامي.

فيما قال علماء آخرون قالوا بأن الأرباح الشهادات الثابتة يمكن اخراجها على سبيل الصدقة أو الزكاة، فلا يجوز لصاحب الشهادات ذات العائد الثابت أن يستخدم فوائدها في حياته ومستلزماته الشخصية.

وهناك فئة أخرى من العلماء أفتوا بجواز أخذ الأرباح الثابتة للشهادات، واستندوا إلى أن المال المستخدم في الشهادات يقوم البنك باستثماره في مشاريع يجني من خلالها أرباحًا معينة، يكون للفرد الحق في أخذ نسبة من هذه الأرباح لأنه مشارك في رأس المال.

وأجاز بعض العلماء شراء شهادات الاستثمار، وذلك لتنمية الاقتصاد الوطني، وتشجيع الأفراد على التعامل في هذه الشهادات عن طريق الأرباح التي يجنونها منها.

واستند العلماء في هذا الرأي بأن الشهادة ليست قرضًا، وإنما هي بمثابة عقد بين صاحب الشهادة وبين البنك لتمويل المشاريع الاستثمارية، فبالتالي من الطبيعي أن يكون له الحق في جزء من أرباح هذه المشاريع.

شاهد أيضًا: شهادات الاستثمار ذات العائد الشهرى بنك cib

أنواع الشهادات الاستثمارية وحكم كل منها

تعددت أنواع الشهادات الاستثمارية لدى البنوك المختلفة، وتعددت أيضًا أرباحها ومدة صرف هذه الأرباح، فهناك الشهادات الشهرية والربع سنوية والسنوية وغيرها، ومن هذه الشهادات:

  • شهادات لها عائد مرتفع

تصل نسبة الأرباح أو الفوائد لهذه الشهادات إلى 16 أو 20%، ويتم احتساب الأرباح بداية من اليوم التالي لتاريخ شراء هذه الشهادة.

لقد اختلف العلماء في حكم هذا النوع من شهادات الاستثمار، ولكن الأغلبية اتفقوا على تحريمها كون أن عائدها ثابت، وأرباحها كبيرة.

  • شهادات الاستثمار ذات المدة الزمنية الطويلة

هذا النوع من الشهادات لا يصرف العائد الخاص بها إلا بعد انتهاء مدتها، والتي قد تصل إلى عشر سنوات، ولها عائد كبير نظرًا لطول مدتها.

جاءت بعض الفتاوى بجواز التعامل في هذه الشهادات، وذلك باعتبار أنه تمويل لمشاريع البنك، والتي يتم توزيع الأرباح فيها بعد انتهاء المشروع أو تصفيته.

  • شهادات ذات قيمة متزايدة

في هذه الشهادات يتم اضافة الأرباح إلى أصل مبلغ الشهادة، وبالتالي لا تُصرف فوائدها بصفة دورية، وهذا النوع من الشهادات اختلف العلماء في الاقرار بجوازه أو تحريمه.

  • شهادات الجوائز

يتم اجراء سحب على أرقام هذه الشهادات بقيم كبيرة، وتصرف للأرقام الفائزة، وقد أفتى معظم العلماء بتحريم هذه الشهادات وذلك لأنها تعتبر نوع من المقامرة.

اختلاف الفتاوى حول الشهادات الاستثمارية

لقد كثُر الاختلاف بين فتاوى العلماء في جواز أو تحريم التعامل في شهادات الاستثمار، فبالرغم من أن أغلبية العلماء أفتوا بتحريم شهادات الاستثمار بكافة أنواعها، إلا أن التغيير المستمر في أنظمة وتعاملات هذه الشهادات يجعل منها قضية فقهية معقدة.

وحاول علماء المسلمين مراعاة جميع المستجدات في عالم المعاملات البنكية وخاصة شهادات الاستثمار، وذلك لكي تكون فتواهم على محض علم تام، وخصوصًا أن هذا النوع من الفتاوى المستجدة التي لم يأت بها دليل قاطع من الكتاب أو السنة النبوية الشريفة.

بداية الجدل حول شهادات الاستثمار

يعتبر الشيخ محمد عبده هو أول من أفتى بجواز أرباح صندوق التوفير في البريد، والذي لا يختلف كثيرًا عن شهادات الاستثمار، وأفتى أيضًا الشيخ محمود شلتوت بأن هذا النوع من الأرباح حلال شرعًا، إلا أن بعض العلماء ذكروا أنه قد ألغى فتواه بهذا الشأن لاشتباهه فيها.

بعد ذلك صدرت شهادات الاستثمار بمختلف أنواعها وأرباحها، والتي جعلت من الصعب اصدار فتوى بجوازها أو تحريمها، وصلت ذروة الخلاف في حكم شهادات الاستثمار إلى أن اضطرت لجنة البحوث الفقهية بالأزهر الشريف إلى عقد العديد من الاجتماعات، وذلك لتوحيد الرأي الفقهي في هذه المسألة.

شاهد أيضًا: ما هي فوائد حساب الاستثمار فى بنك فيصل الاسلامي

عقود المضاربة وشهادات الاستثمار

تعتبر عقود المضاربة هي أحد أنواع العقود الموجودة في فقه ديننا الحنيف، والتي يقر فيها الطرفين المشاركين على اعطاء الطرف الأول وهو الفرد نسبة من الأرباح.

ويأخذ الطرف الثاني وهو المؤسسة المسئولة عن العمل باقي الأرباح، وفي هذه العقود لا يشترط أن تكون نسبة الفرد محددة، ولكنها بالتأكيد أقل من نسبة المؤسسة أو البنك.

وفي حالة حدوث خسارة في العمل يتحمل كلا الطرفين جزءً من هذه الخسارة، والتي قد تصل إلى انهاء الشراكة المبرمة بينهما، أما في حالة العقود الاستثمارية أو شهادات الاستثمار، فلا يتحمل الفرد أي جزء من الخسارة في حالة حدوثها.

ويتم تحديد نسبة الأرباح للفرد بحسب رأس المال أو قيمة الشهادة المتعامل بها، وتتراوح هذه النسبة ما بين 5% إلى 20% في بعض البنوك.

لقد استند العلماء والفقهاء الذين أفتوا بتحريم أرباح شهادات الاستثمار إلى أن المواطن لا يتحمل أي جانب من الخسارة، فهذا يعتبر ضربًا من الربا.

إلا أن الرد جاء من بعض علماء المسلمين أن المكسب الدائم إنما هو نتاج الأساليب الحديثة والمتطورة في دراسات الجدوى، وغيرها من الخطط والآليات التي يقوم البنك بدراستها عند الدخول في أي مشروع أو استثمار.

ومن الأشياء التي ذكرها بعض الفقهاء أن بعض عقود هذه الشهادات يتم التلاعب في ألفاظها، وذلك لكي تتناسب مع حكم الشرع، ولكن ما يحدث في التعاملات الواقعية يدخل صاحبها في الربا، وبالتالي تصبح محرمة.

البديل الشرعي لشهادات الاستثمار

رأى بعض العلماء الذين أفتوا بتحريم شهادات الاستثمار أن الحل في إيجاد بديل لهذه الشهادات، ووضعوا بعض الشروط التي من رأيهم يجب أن تتوافر في البديل، ومنها:

  • أن تكون الشهادة بمثابة امتلاك جزء معين أو نسبة معينة من أحد مشاريع البنك.
  • أن يتم ذكر رأس المال الكامل للمشروع الذي تدخل فيه أموال هذه الشهادات.
  • لا يتم إلزام الفرد مدة انتهاء معينة للشهادة، وإنما يحق له البيع في الوقت الذي يحدده.
  • يتم ذكر كافة التفاصيل الخاصة بتقسيم الأرباح في الشهادة بين الفرد والمؤسسة أو البنك.

بالرغم من هذه الشروط إلا أن بعض العلماء رأوا أنها لا يمكن أن تطبق على أرض الواقع، وذلك لأن البنك يتعامل مع آلاف الأفراد، فيجب أن تكون تفاصيل الأرباح وتقسيماتها من أسرار العملاء.

وعلى جانب آخر فإن البنك ليس مضطرًا إلى نشر القيم الفعلية لرأس المال الخاصة بأعماله، حيث أنها تعتبر من أسرار البنك، ولا يشترط اعلامها للعميل.

ويظل الاختلاف في جواز أو تحريم شهادات الاستثمار قائمًا، فهذه الشهادات تتغير لوائحها من حين لآخر، غير أن علماء الدين ليس لديهم الخبرة المالية الكافية في تعاملات البنوك.

ولكن الرأي الأرجح في هذه المسألة هو الابتعاد عن الشبهات، وذلك لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الشريف:” الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور متشابهات، فاتقوا الشبهات” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شاهد أيضًا: الاستعلام عن شهادات الاستثمار في البنك الأهلي المصري

حكم شهادات الاستثمار

  • صرحت دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الإلكتروني سابقًا أن التعامل مع البنك فيما يخص الإياع ودفتر التوفر وشهادات الادخار وما إلى ذلم يعتبر من باب عقد التمويل المستحدث لا كالقروض التي تتسبب في النفع الحرام وغير مرتبطة بالربا، وأن عوائدها غير حرام ومن الجائز الحصول عليها للانتفاع بها، والله أعلم.

هل شهادات الاستثمار حرام؟

اختلف علماء الدين في العصر الحالي حول تحريم وإيجاز التعامل مع البنك، لكن اتفق البعض منهم حول المعاملات البنكية هي تمويلات مستحدثة لا قروض ربوية، ولذلك فمن وجهة نظرهم أن شهادات الاستثمار حلال وغير حرام، والله أعلم.

شهادات الاستثمار في بنك مصر والبنك الأهلى

اصدر بنكي مصر والأهلي شهادة استثمار بمدة عام بفائدة تصل إلى 25% تُصرف في آخر المدة، أو بفائدة 22.5% تصرف كل شهر، ويجب العلم أن أقل مبلغ لربط الشهادة هو ألف جنيه مصري.

أسئلة شائعة حول حكم شهادات الاستثمار

س: هل يعتبر الاستثمار في شهادات الاستثمار حلالًا أم حرامًا؟

ج: يختلف رأي العلماء حول حلالية أو حرمان شهادات الاستثمار، حيث يعتبر البعض الأرباح المتغيرة حلالًا ولكن الأرباح الثابتة قد يُحرم بعضهم إعتبارًا للربا.

س: هل يجوز أخذ أرباح شهادات الاستثمار الثابتة؟

ج: آراء العلماء تختلف، حيث يرى بعضهم أنه يمكن أخذ الأرباح الثابتة، بينما يرون آخرون أنها يمكن أخذها فقط للصدقة أو الزكاة ولا يجوز استخدامها للاحتياجات الشخصية.

س: ما هي وجهة نظر دار الإفتاء المصرية حول شهادات الاستثمار؟

ج: دار الإفتاء المصرية أشارت إلى أن التعامل مع البنك، بما في ذلك شهادات الاستثمار، يُعتبر من باب التمويل المستحدث ويُعتبر حلالًا.

س: هل يجوز شراء شهادات الاستثمار لتنمية الاقتصاد الوطني؟

ج: بعض العلماء يروجون لجواز شراء شهادات الاستثمار لتعزيز الاقتصاد الوطني وتشجيع التعامل بها.

س: ما هي مواقف العلماء حول تحريم أو إيجاز شهادات الاستثمار؟

ج: هناك تباين في آراء العلماء، ولكن بعضهم يرون أن شهادات الاستثمار يمكن أخذها بشكل حلال، خاصة إذا كانت الأرباح متغيرة وليست ثابتة.

مقالات ذات صلة