الإنسان مسير أم مخير

الإنسان مسير أم مخير، مسألة كثر الحديث عنها وتداولها من قبل علماء الدين والفلاسفة، وزادت الحيرة في تصنيف أفعال الإنسان المختلفة تحت بند الحرية، أم الاختيار، لذا سنوضح لكم إجابة هذا السؤال من خلال ما يلي عبر موقع mqall.org.

الإنسان مسير أم مخير

  • أغلب الدراسات التي ناقشت هذه القضية وصلت إلى أن الإنسان مسير ومخير في نفس الوقت.
    • هناك أمور هو مسير فيها، وأخرى هو مخير، وتظهر له الطرق التي يمكن أن يختار بينها أمامه بوضوح.
  • فمعظم الأمور المتعلقة بحياة الإنسان الشخصية، هو مخير فيها، وله أدنى الحرية في اختيار ما يناسبه منها.
  • في حين أن هناك أمور أخرى في حياة الإنسان، مثل الأمور العقيدة والدين، هو مخير في اتباعها، والعمل بها، أو تركها والابتعاد عنها.
    • وتركه لهذه الأمور العقائدية، هو محض اختياره، ولكنه محاسب عليه بعد ذلك، وسوف يكون تركه لها بحساب عند الله تعالى يوم القيامة.
  • وهناك قرارات وأمور تحدث للإنسان، أو تكون مصيرية بالنسبة له، ويكون التسيير له فيها، من خلال تيسير الله له هذه الأمور، وحصوله عليها.

اقرأ أيضا: هل الإنسان حر أم مقيد pdf؟

الإيمان بأن الإنسان مسير أم مخير

  • فيجب على كل إنسان أن يؤمن أنه مسير، ومخير على التوازي، وأن الله ترك له الحرية، والاختيار.
    • ولكنه بعد ذلك سيحاسبه على تلك الحرية.
  • وهو مسير في أمور القضاء والقدر، وأمور الخلق، والبعث، والموت والحياة، والصحة، والمرض، والرزق، وكل ما يأتيه فجأة، ولا يعلم عنه شيء.
    • ومسير أيضاً في أمور مثل الأسرة، والأخوة، والأب، والأم، والفقر، أو الغنى.
    • لأنهما يرتبطان بالرزق، والذكاء، والغباء، وقوة الجسم، أو ضعفه، والإعاقة، أو الصحة.
  • والإنسان مخير في أمور حياته الأخرى، الأكل، والشرب، والملبس، والمسكن، والحل، والترحال، والاستقرار، والزواج، واختيار العمل، دون الرزق.
    • ويمكن القول إن كل ما يشتمل على طريقين خير وشر، وكل ما يمكن أن يحاسب عليه الإنسان، هو من الأمور التي يصبح مخيراً بها.
  • فالله تعالى أعطاه الأدوات من سمع، وبصر، وفؤاد، وبين له الخير، والشر، ثم ترك له حرية الاختيار.
    • وبعدها سيحاسبه على اختياراته، وما وصلت إليه حياته.

الإنسان مسير أم مخير أمور الإنسان المسير بها

  • فالإنسان يصبح مسير في عدد من الأمور، ولا يكون له سيطرة عليها، وتحدث له دون تدخل أو تحكم منه فيها.
  • فالرزق من بين تلك الأمور التي لا يستطيع الإنسان التحكم بها، أو تفضيل نفسه بها، أو اختيار الرزق الأفضل.
    • وحتى أنه لا يتضح له مكان الرزق الأوسع، أو الميسر له، إلا عندما يشاء الله ذلك.
  • وكذلك الأخبار المفاجئة للإنسان من، موت، أو نجاة أو مرض، أو غيرها من الأمور الفجائية.
    • كلها من الأمور التي ليس للإنسان تدخل أو تحكم بها.
    • فلم نعرف أن إنساناً استطاع التحكم، أو اختيار أخبار جيدة فقط له، أو التحكم في موت، أو حياة، أو مرض.
    • وحتى أنه ليس هناك من عرف أنه اختار ولادته، أو أهله، أو مكان، أو طريقة موته، فكلها من الأمور التي يسير فيها الإنسان دون تدخل منه، ولكنها بمشيئة الله.
  • وكون الإنسان مسير، فلأنه لا يخرج عمله عن إرادة الله، وما كتبه له، وأن كل خطوة يخطوها هي بمشيئة الله، وإذنه.
    • قال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ)، التَّكوير:29.
    • وقال صلى الله عليه وسلم: إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة، رواه الترمذي.
  • فالإنسان ميسر لما خلقه الله تعالى له من عبادة، وإعمار للأرض، وتكاثر، وقوة.
    • وفي صحيح مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.

الإنسان مسير أم مخير أمور الإنسان مخير بها

  • في أمور أخرى يصبح جلياً، وواضحاً تحكم الإنسان بها، وحرية اختياره، وتحمله لنتائج اختياراته كلها.
    • وهذه الأشياء تتمثل في القناعات، والآراء، والمعتقدات التي يعتنقها الإنسان، ويكتسبها ممن حوله.
    • فللإنسان الحرية في الاختيار بين تلك المعتقدات، أو الآراء، أو وضع قناعات جديدة يراها أصح، وأسلم من وجهة نظره.
  • كما أن الإنسان مخير حتى في أمور العقيدة، فله حرية الاختيار في الإيمان بما جاء به الرسل، وما أنزله الله تعالى في الأرض.
  • وتعتبر اختيارات الإنسان البسيطة من بين تلك الاختيارات المتروك له الحرية فيها، مثل الأكل، والشرب، والملبس، والسكن، وغيرها بحسب إمكاناته.
  • ولكنه أيضاً لديه بعض الأمور التي نُهي عنها في كل أمر هو مخير فيه، يجب عليه القياس عليها.
    • أو الحذر من الوقوع في المنهي عنه، وهو يختار ما هو حرٌ فيه.
  • فكل ما يقوم به الإنسان في حياته الظاهرة، هو بإرادته، ومحض اختياره، وهو على علم بخير الأمر، وشره، وليس مجبراً على اختيار طريق الشر.
    • ثم هو كما قلنا محاسب على اختياراته، بدليل قوله تعالى:
    • (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون)، التوبة:.105.
    • وقوله تعالى:(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، النحل: 32.
    • وقال تعالى:(وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا)، آل عمران: 145.
    • وقال تعالى:(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً)، الإنسان: 29.
    • وفي حديث رسول الله: “إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده”، رواه البخاري.

كما يمكنكم التعرف على: هل الإنسان مخير أم ميسر

أمور الإنسان مخير ومسير فيها في نفس الوقت

  • هناك أمور يصبح الإنسان فيها مسيراً، ومخيراً في نفس الوقت، فيكون مسير في أصلها، ومخير في فرعها.
    • مثل القرارات المصيرية، التي يفكر بها، ولا يقرر فيها إلى بعد وقت طويل من التفكير.
    • ثم يكتشف أن الله يسر وسهل له ما اختاره، لأنه الأفضل.
    • ومن أقوى الأمثلة على ما يكون فيه الإنسان مسير ومخير في نفس الوقت، أمر الزواج.
  • فللإنسان كامل الحرية في اختياره لمن سيُمضي معه حياته، ومن يرى أنه الأفضل له.
    • ولكنه في النهاية عندما يتم الأمر، يكتشف أن الله يسر له هذا الأمر، وسيره إليه.
  • وهناك البعض ممن لا يكتمل أمر زواجهم، ويشعرون أنهم لم يأخذوا وقتاً كافياً في التفكير والاختيار.
    • ولكنهم يكتشفون أنه تسيير الله، واختياره له ليكون في حياته هذه المرحلة، وهو الذي اختار له أن يكون في هذا الوضع.

إثبات من القرآن والسنة أن كل الأمور بيد الله

  • جميع ما يأتي في هذه الحياة، وفي الكون بأسره، من صغير أو كبير هو بعلم الله وبأمره، وبقدره.
    • قال تعالى في كتابه الكريم:(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، القمر: 49.
    • وقال تعالى:(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، الحديد: 22.
  • وفي صحيحي البخاري، ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك،
    • ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد..” إلى نهاية الحديث.
  • وفي صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة).
  • ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
    • (إن أول ما خُلق القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتب يا رب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).
  • كما أن أفعال العباد من خلق الله تغالى، ومما يدل على ذلك قوله تعالى:
    • (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)، الصافات: 96.
    • وقوله تعالى:(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)، التكوير: 29.
    • وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله خالق كل صانع وصنعته).

الإنسان مسير أم مخير قضاء الله وقدره في الكون

  • الله تعالى هو الخالق المدبر المسير لجميع ما في الكون، ولكنه يسر للإنسان الاختيار، والتفضيل، ثم حذره من أن حسابه عند الله تعالى على اختياراته.
  • ومجازاة العبد على أفعاله، واختياراته، بيد الله تعالى، هو الذي يحاسبه، ويجازيه، إن كان خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً.
  • قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، الشمس: 7، 8.
    • في إشارة إلى توضيح الله الخير، والشر للإنسان، وترك حرية الاختيار له، بين الطريقين.

من شروط الإيمان بالقضاء والقدر

يتم الإيمان بالقضاء والقدر بعدة أمور، منها:

  • إيمان المرء أن الله هو خالق كل شيء، والقادر على كل شيء.
  • الإيمان بأن الله تعالى يعلم السر، وما يخفى، فهو العالم بكل صغيرة، وكبيرة.
  • والإيمان بأنه تعالى قد كتب كل أمرٍ في اللوح المحفوظ.
  • الإيمان بأن كل أمور الكون بيد الله، وبعلمه، وقدرته، ويتم بمشيئة الله تعالى.

كما يمكنكم الاطلاع على: بحث عن الأعمال الإنسانية

هكذا نكون قد ناقشنا موضوع ملح يدور في أذهان البعض، وناقشه العلماء منذ الأزل، وهو هل الإنسان مسير أم مخير، وفيه أن الإنسان عليه الإيمان بالقضاء والقدر، ومراعاة اختياراته لأنه محاسب عليها.

مقالات ذات صلة