قصة سيدنا سليمان كاملة

لقد ورث سيدنا سليمان من أبيه داوود عليهما السلام الملك والحكمة، وقد آتاه الله عز وجل الكثير من النعم والآيات، وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح تجري بأمره والجن تخدمه وتطيعه وتبني له القصور والتماثيل، وسخر الله عز وجل لسيدنا سليمان عليه السلام النحاس أيضًا حيث كان يستطيع اسالته وتشكيل الدروع والأسلحة، وسنتناول في هذا الموضوع قصة سيدنا سليمان عليه السلام كاملة وما فيها من معجزات، وسنتحدث عن ملكه الذي لم يكن لأحد من قبله ولا من بعده.

قصة سيدنا سليمان وأبيه داوود وحكمتهما

كان سيدنا داوود عليه السلام يذهب يوميًا وينظر في قضايا وحوائج الناس ويحكم فيها بالعدل، وذات يوم ذهب معه سيدنا سليمان، ودخل عليهما رجلان أحدهما صاحب أرض زراعية أو حديقة والآخر لديه قطيع من الغنم يرعاه، وقال صاحب الأرض أن أغنام الرجل الآخر نزلت إلى أرضه وأفسدت زرعه ونباتاته التي يعيش منها ويقتات، فاحكم بيننا بالعدل.

وعندما سمع سيدنا داوود من الرجل الآخر صاحب الأغنام والذي أثبت صدق صاحب الأرض، فحكم سيدنا داوود أن يأخذ صاحب الأرض الأغنام تعويضًا له عن الخسارة التي حلت به وبأرضه، ولكن سليمان كان له حكم آخر.

فقد حكم أن يأخذ صاحب الأغنام الأرض ويزرعها حتى تعود الأشجار كما كانت وأن يأخذ صاحب الأرض الأغنام ليستفيد من لبنها وأصوافها أثناء فترة زراعة أرضه، فإذا كبرت الأشجار وعاد الحقل كما كان فليأخذ الراعي أغنامه ويسترد صاحب الحقل أرضه، فأُعجب داوود بحكم سليمان وحمد الله الذي آتاهما الحكمة والنبوة.

شاهد أيضًا:أين يوجد قبر سيدنا آدم على الخريطة

قصة سيدنا سليمان عليه السلام والخيل

كان سيدنا سليمان عليه السلام محبًا للخيل وخاصة ما تسمى بـ”الصافنات” وكانت من أجود أنواع الخيل، وذات يوم عرض عليه عدد من الخيل ليراها ويتفحصها، وكان عدد هذه الخيل كبيرًا، فانشغل عن ورده اليومي لذكر الله حتى غربت الشمس.

فحزن سيدنا سليمان عليه السلام حزنًا شديدًا واستغفر ربه، وأمر جنوده أن يأتوا بالخيل فأخذ السيف وبدأ يضرب أعناق الخيول وأرجلها، وقيل في رواية أخرى أنه كان يمسح بيده فقط على أعناقها وأرجلها ويذكر الله ويستغفره .. والله أعلم.

قصة سيدنا سليمان والنملة

سار سيدنا سليمان عليه السلام بجيشه ذات يوم ومروا بوادٍ للنمل، فقالت نملة لأصحابها أن يدخلوا إلى مساكنهم خوفًا من أن يحطمهم سيدنا سليمان عليه السلام وجنوده وهم لا يشعرون.

قال الله تعالى:” حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ” صدق الله العظيم.

فسمعها نبي الله سليمان عليه السلام، فقد علمه الله عز وجل منطق جميع الكائنات، وضحك من قولها وشكر الله على نعمه الكثيرة التي لا تحصى وأن يجعله شاكرًا لأنعمه ومحافظًا عليها وأن يجعله من الصالحين.

قال الله تعالى:” فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ” صدق الله العظيم.

قصة سليمان عليه السلام والهدهد

ذات يوم نزل سيدنا سليمان عليه السلام يتفقد الطير كعادته فلم يجد الهدهد حيث تخلف عن الحضور بدون طلب أو استئذان، فتوعده بالتعذيب أو الذبح إن لم يكن لغيابه حجة كافية، وعندما عاد الهدهد ذهب إلى سيدنا سليمان عليه السلام ووقف بمسافة غير بعيدة، وأخبره أنه أحاط بما لم يحط به وجاءه بخبر عظيم من مملكة بعيدة تسمى” مملكة سبأ”، فقد كانت تحكمهم امرأة وكانوا يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم ، وأخبره أن لهذه المرأة عرش عظيم.

قال الله تعالى:” فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ؛ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ؛ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ” صدق الله العظيم.

ولكي يكتشف سيدنا سليمان عليه السلام صدق الهدهد من كذبه فقد أرسله بخطاب إلى هذه الملكة يدعوها وقومها لعبادة الله عز وجل وحده ويتركوا ما يعبدون من دونه، فما وصل الهدهد إلى ملكة سبأ جمعت وزراءها وحاشيتها تستشيرهم في أمر هذا الخطاب، فقالوا لها أنهم أصحاب قوة كبيرة، فقالت لهم أن الملوك إذا دخلوا قرية أهلكوها وجعلوا ملوكها وحكامها أذلة.

وقالت أنها سترسل له هدية وستنتظر رده على هذه الهدية، فكانت الإجابة من سيدنا سليمان عليه السلام أنه قد أوتي من الملك والنعم والأموال ما لم يُأت أحد من العالمين، وتوعدهم بأنه سيحاربهم بجيش لا قبل لهم به وسيخرجهم من مملكتهم أذلة صاغرين، ثم جمع سيدنا سليمان عليه السلام الملأ وطلب منهم أن يأتوه بعرشها قبل أن تأتي إليه هي وقومها مسلمين.

فقال له عفريت من الجن أنه يستطيع أن يحضره إليه قبل أن يقوم من مقامه، وقال آخر أنه سيحضره إليه قبل أن يرتد إليه طرفه، فلما وجد سليمان عليه السلام أن هذه المعجزة لا تشكل أي صعوبة وأنها مستقرة عنده بدون أي تعب أو جهد ، شكر الله على هذه النعم.

ولما وصلت ملكة سبأ عرض لها سيدنا سليمان عليه السلام عرشها وسألها:” أهكذا عرشك؟” قالت :”كأنه هو”، فقد كانت تتمتع بالفطنة والذكاء، وعندما دخلت إلى صرح سيدنا سليمان عليه السلام حسبته لجّة من الماء فكشفت عن ساقيها فقال لها إنه صرح ممرد من قوارير، فلما رأت هذه الآيات كلها تبين لها أنها وقومها كانوا في ضلال كبير، فآمنت مع سليمان عليه السلام  وأسلمت لله عز وجل.

قال الله تعالى:” قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” صدق الله العظيم.

شاهد أيضًا:قصة سيدنا موسى مع الخضر مختصرة

قصة موت سيدنا سليمان عليه السلام

كان سيدنا سليمان عليه السلام يتعبد إلى الله في بيت المقدس كل فترة فيمكث فيه ما يقارب العام ثم يرجع إلى حكمه، وكان الخدم والجن يعلمون ذلك، وذات مرة توفته المنية وهو واقف يصلي مستندًا على عصاه، وكان الجن ينظرون إليه بين الحين والآخر من طرف خفي فيجدونه واقفًا يتعبد فيذهبون ويستأنفوا أعمالهم.

ولم يعلموا بموته إلا حين أكلت الأرضة عصاه فخرّ على الأرض، وعندها علموا أن سيدنا سليمان عليه السلام قد مات، وفزع الجن من الخبر وعلموا أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العمل الشاق والعذاب المهين.

قال الله تعالى:” فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” صدق الله العظيم.

شاهد أيضًا:بحث عن مقام سيدنا ابراهيم

لقد كانت قصة سيدنا سليمان مليئة بالحكم والمواعظ والمعجزات، وكان له من الحكمة والعلم والمعجزات الكونية ما لم تكن لأحد قبله ولن تكون لأحد غيره كما عرضنا في هذا الموضوع، وفي نهاية الموضوع ما عليكم سوى مشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة