قصة سيدنا موسى عليه السلام مكتوبة

إن سيدنا موسى “عليه السلام” من الأنبياء والمرسلين الذين اصطفاهم الله “عز وجل” لدعوة بني إسرائيل إلى عبادته وحده، وكان سيدنا موسى من أولي العزم من الرسل، وكانت له من المعجزات والآيات ما فضله الله به عن غيره من الأنبياء والمرسلين.

وسنستعرض لحضراتكم قصة سيدنا موسى عليه السلام بكل مراحل حياته وما فيها من معجزات.

نسب سيدنا موسى وطفولته

يرجع نسب سيدنا موسى إلى سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، ووُلد سيدنا موسى عليه السلام في ذروة ظلم فرعون لبني إسرائيل، وقد أخبره أحد كهنته بأن طفلا سيولد في بني إسرائيل ويقضي على حكمه وملكه، فأمر فرعون بقتل جميع الأطفال الذكور الذين وُلدوا في هذا العام لبني إسرائيل.

وشاء الله أن يكون هذا ميعاد ولادة سيدنا موسى، وبالفعل وُلد سيدنا موسى عليه السلام ولكن أمه كتمت خبر ولادته خوفًا عليه من أن يُذبح على يد جنود فرعون كما أمر.

وظلت تفكر في حيلة تخفي بها رضيعها عن أعين فرعون وجنوده حتى ألهمها الله وأوحى إليها أن تضعه في صندوق خشبي وتلقيه في النهر وألا تخاف عليه أو تحزن، ووعدها برده إليها، فلقد اصطفاه ربه ليجعله من المرسلين.

قال الله تعالى:” وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ” صدق الله العظيم.

وبطبيعة الحال كأي أم فقد كان قلبها حزينًا مفطورًا على رضيعها، ولكن ثقتها في الله كانت أكبر من ذلك، وشاء الله أن يصل الصندوق إلى قصر فرعون، وبالفعل رآه الخدم وأخذوا الصندوق إلى القصر.

فلما رأوه طفلًا ذكرًا أرادوا أن يقتلوه ولكن إرادة الله كان لها رأي آخر، فقد قذف الله عز وجل حب هذا الرضيع في قلب زوجة فرعون وأرادت أن تتخذه ولدًا وهذا ما حدث بالفعل.

وأحضرت المرضعات لترضعن سيدنا موسى ولكنه رفض أن يرضع من أي واحدة منهن، وفي هذه الأثناء كانت أخت سيدنا موسى تراقب ما يحدث من بعيد بدون أن تلفت الأنظار إليها فقد كانت تعمل خادمة في قصر فرعون.

فأخبرت زوجة فرعون أنها تعرف مرضعة تستطيع أن ترضع الطفل الرضيع، فوافقت زوجة فرعون وأمرتها أن تحضر المرضعة إلى القصر على الفور.

وبالفعل جاءت أم سيدنا موسى إلى القصر لترضع طفلها الذي ما أن اقتربت منه لترضعه حتى بدأ في الرضاعة بكل سلاسة وهدوء بعكس ما حدث مع المرضعات الأخريات، وبذلك كانت أمه تراه يوميًا بحجة الرضاعة فالله لا يخلف وعده أبدًا.

قال الله تعالى:” وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ؛ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” صدق الله العظيم.

شاهد أيضًا:قصة سيدنا آدم وحواء كاملة حقيقية

نشأة سيدنا موسى في قصر فرعون

نشأ سيدنا موسى عليه السلام في قصر فرعون حتى كبر وبلغ أشده، وفي ذات يوم دخل المدينة فوجد فيها رجلين يتشاجران، رجل من بني إسرائيل والآخر مصري، فاستغاث به الاسرائيلي على المصري فلكم سيدنا موسى عليه السلام المصري فمات على الفور.

فخاف سيدنا موسى عليه السلام ولم يعد إلى القصر خشية أن يقتله فرعون جراء ما فعله بهذا المصري، وأصبح يتجول في المدينة حتى قابله الرجل الذي استغاث به من قبل وأخبره أن فرعون وجنوده يبحثون عنه ليقتلوه.

خروج سيدنا موسى عليه السلام من مصر

خرج سيدنا موسى من مصر خائفًا يترقب ودعا الله أن ينجيه من فرعون وقومه، ووصل إلى أرض مدين وجلس عند بئر ليستريح فقد كانت رحلته طويلة ومتعبة.

ووجد الرعاة يسقون من البئر وبالقرب منهم فتاتان تنتظران حتى ينتهوا من السقاية فسقى لهما سيدنا موسى عليه السلام ورجع إلى مكانه ليستريح، فعادت إليه احدى الفتاتان وأخبرته أن أباها يدعوه ليكافئه على ما فعل.

فذهب معها سيدنا موسى عليه السلام، ومن شدة حيائه رفض أن تمشي أمامه لترشده إلى الطريق وأخبرها أن تحمل عددًا من الحصوات في يدها وتمشي خلفه فإن أرادت منه أن يسلك الطريق الأيمن فلترمِ حصاة على يمينه والعكس، فلما وصل موسى وقص عليه قصته قال له أبوها لا تخف فقد نجاك الله من القوم الظالمين.

قال الله تعالى:” فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” صدق الله العظيم.

وعرض سيدنا شعيب” أبو الفتاتين” على سيدنا موسى عليه السلام أن يزوجه إحدى الفتاتين فوافق سيدنا موسى عليه السلام، وكان المهر أن يقوم سيدنا موسى برعاية أغنامهم لمدة ثمانِ سنوات فإن أتم عشرًا فمن عنده.

وبعد أن قضى سيدنا موسى عليه السلام سنوات رعي الأغنام أخذ زوجته ورحل عن مدين إلى بلد آخر، وفيه طريقه وصل إلى سيناء وبالتحديد جبل الطور فأقام ونصب خيمته، وفي ذات ليلة نظر سيدنا موسى عليه السلام فرأى نارًا فوق الجبل، فأخبر زوجته أنه ذاهب إلى هذه النار عسى أن يأتي بشيء منها.

معجزات سيدنا موسى عليه السلام

وصل سيدنا موسى إلى النار فلم يجد شيئًا، وسمع صوتًا ينادي عليه ويخبره أن الذي يكلمه هو الله عز وجل، وأمره أن يلقي عصاه فإذا بها تهتز كأنها جان وتحولت إلى ثعبان، فخاف موسى وهرب مسرعًا.

فنادى عليه الله عز وجل أن يرجع ولا يخاف وأن يأخذ عصاه فعادت كما كانت، وأمره أن يضع يده في جيبه ويخرجها ففعل سيدنا موسى عليه السلام وإذا بيده تخرج بيضاء ومن شدة بياضها كانت تظهر في الظلام الحالك.

وأمره الله عز وجل أن يذهب إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وهاتان المعجزتان لتؤيداه في دعوته، ولكن سيدنا موسى عليه السلام  كان خائفًا فقد قتل مصريًا من قبل وهو أيضًا ليس فصيحًا في الكلام.

فطلب من الله عز وجل أن يرسل معه أخاه هارون فهو أفصح منه لسانًا وسيكون سندًا له في دعوته، فأستجاب له الله عز وجل وأرسل معه أخاه هارون، فرجع سيدنا موسى عليه السلام إلى زوجته وأخبرها أنهما سيعودان إلى مصر لدعوة فرعون إلى عبادة الله وحده.

شاهد أيضًا:قصة سيدنا محمد مكتوبة بالتفصيل

لقاء سيدنا موسى عليه السلام بفرعون

أخذ سيدنا موسى عليه السلام أخاه هارون وذهبا إلى فرعون يدعوه إلى عبادة الله وما كان من فرعون إلا أن كذبهما، فألقى سيدنا موسى عليه السلام عصاه فتحولت إلى ثعبان أخرج يده من جيبه فإذا هي تكاد تضيء من شدة البياض، فاتهم فرعون سيدنا موسى بالسحر وأخبره أنه سيجمع له السحرة ويثبت كذبه وشعوذته.

فجمع فرعون أعظم السحرة في أرجاء مصر وحشر الناس ليشهدوا هزيمة سيدنا موسى عليه السلام، وألقى السحرة عصيهم فتهيأ للناس من سحرهم أنها تتحرك كالثعابين فاندهش الناس اندهاشًا كبيرًا، فألقى سيدنا موسى عليه السلام عصاه فتحولت إلى ثعبان كبير التهم سحرهم.

وسرعان ما أدرك السحرة أن موسى عليه السلام ليس ساحرًا وإنما هو رسول من عند الله، فآمنوا به وأسلموا ولكن هذا لم يعجب فرعون فأمر بتعذيبهم وتعليقهم على جزوع النخل، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.

خروج سيدنا موسى مع قومه من مصر

بعد إيمان السحرة بسيدنا موسى عليه السلام آمن مع موسى بعضًا من بني إسرائيل، وأصبح فرعون يعذب ويبطش بكل من يؤمن مع سيدنا موسى عليه السلام، فأوحى الله عز وجل إلى سيدنا موسى أن يخرج مع من آمن معه من بني إسرائيل من مصر، فذهب وراءهم فرعون وجنوده حتى كادوا أن يدركوهم.

ووجد سيدنا موسى عليه السلام وقومه أنفسهم أمام البحر ومن خلفهم فرعون وجنوده، فأوحى الله إلى سيدنا موسى أن يضرب البحر بعصاه فانقسم إلى قسمين وفُتح لهم طريق يابس في وسط البحر بأمر الله عز وجل، فسلك موسى عليه السلام وقومه هذا الطريق وأراد فرعون أن يتبعه ولكن البحر انطبق عليه هو وجنوده.

ولما أدرك فرعون أنه غارق لا محالة أراد أن يؤمن ويتوب لينجّي نفسه من الموت والغرق، ولكن كان الأوان قد فات، وغرق فرعون وجنوده وهلكوا لما فعلوه في بني إسرائيل من ظلم وتعذيب وافتراء.

قصة بني إسرائيل والعجل

وصل سيدنا موسى عليه السلام والذين آمنوا معه إلى جبل الطور ونصبوا خيامهم وأقاموا فيه، ولكن لم يكن هناك ماءً ليشربوا.

فأوحى الله إلى سيدنا موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، فأصبح لكل أسرة من بني إسرائيل عينًا خاصة بهم يشربون منها ويستخدمونها في الأمور الحياتية الأخرى.

وأوحى الله إلى سيدنا موسى أن يصعد جبل الطور ويأخذ بعض الألواح ليكتب فيها، فأخبر سيدنا موسى عليه السلام أخاه هارون أنه سيصعد الجبل في رحلة ستستمر أربعين يومًا، وأوصاه على بني إسرائيل.

صعد سيدنا موسى إلى الجبل وطلب من الله عز وجل أن ينظر إليه ويراه، فأمره الله أن ينظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف يتمكن سيدنا موسى عليه السلام من رؤية الله عز وجل.

فلما نظر سيدنا موسى عليه السلام إلى الجبل رآه يهتز بشدة حتى أنه أغمي عليه من شدة الفزع، ولما أفاق وجد الألواح مكتوب فيها ما أحله الله وما حرمه وكيفية عبادته عز وجل والأوامر والنواهي التي أقرها الله على بني إسرائيل.

ولما عاد سيدنا موسى إلى قومه وجدهم يعبدون تمثالًا ذهبيًا على شكل عجل، فغضب غضبًا شديدًا وألقى باللوم على أخيه هارون فقد أوصاه على قومه وكان رد هارون عليه أنه خاف أن يتفرق القوم بين مطيع له ومعرض عنه، فتركهم حتى يأتي موسى عليه السلام.

وأخبره هارون أن الذي صنع العجل رجلًا يدعى السامري، فذهب سيدنا موسى إلى السامري وأخبره أن الله عز وجل سيعذبه عذابًا شديدًا جرّاء ما صنع، ثم أخذ سيدنا موسى الألواح وبدأ يعلم بني إسرائيل أمور دينهم.

قصة سيدنا موسى والبقرة الصفراء

حدثت جريمة قتل في بني إسرائيل فسأل موسى عن القاتل فلم يخبره أحد لأنهم كانوا يعلمون عقوبة القتل المكتوبة في الألواح فمن قتل يُقتل، فدعى موسى عليه السلام ربه فأخبره الله أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة.

وكعادة بني إسرائيل أخذوا يماطلون في تنفيذ أمر الله، فتارةً يسألون عن صفاتها وتارة أخرى عن لونها حتى وجدوا البقرة المطلوبة وذبحوها، فأمرهم بأخذ جزء من البقرة وضرب المقتول بها فعاد إلى الحياة وأخبرهم بالقاتل ثم مات مرة أخرى، فأمر سيدنا موسى بالقصاص من القاتل.

شاهد أيضًا:قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام كاملة مكتوبة pdf

فيما سبق عزيزي القارئ حاولنا استعراض قصة سيدنا موسى عليه السلام وما فيها من معجزات وآيات تخبرنا بالكثير من العبر والعظات، وفي نهاية الموضوع ما عليكم سوى مشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة