سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأجمل منك لم ترى قط عيني، وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرأ من كل عيب، وكأنك خلقت كما تشاء، كلنا نحب رسول الله، وقدر سيدنا محمد الحقيقي لا يعلمه الا الله.

وسنلقي الضوء على بعض من جوانب حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقال، وقبل كل ذلك قدره عند رب العزة صلى الله عليه.

أسم الرسول وأصله الكريم

كما ذكره رب العزة في القران باسم الرؤوف الرحيم.

وقال أنا العاقب؛ أي الذي ليس بعده نبي يأتي في عقبه، ومن  أسمائه الأمين، وهذا ما يسمى به في قريش.

ومن اسمائه الفاتح أي الذي جمع له كل كوامل الأخلاق، والفاتح لكل مغلق بأمر الله.

وقيل الجامع للخير، ومن أسمائه المقضي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة.

وكان يكنى صلى الله عليه وسلم ب أبا القاسم، وهو أكبر أولاده، وقال ابن القيم:

أسمائه صلى الله عليه وسلم نوعان نوع خاص؛ أي الذي لا يشاركه فيه غيره من الرسل.

مثل محمد، وأحمد، والعاقب، والحاشر، والمقضي، ونبي الحكمة.

ونوعاً عاماً؛ أي الذي يشاركه في معناه غيره، لكن له فيه الكمال.

كرسول الله، والنبي، وعبد الله، والشاهد، والمبشر، والبشير، والنذير، ونبي الرحمة، ونبي التوبة.

تابع أيضا: قصة سيدنا محمد والرجل الذي رآه في الغار

نسبه الشريف

هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف.

بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.

بن كنانه بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

وعدنان ابن إسماعيل الذبيح؛ كذلك رسول الله ابن إبراهيم خليل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو النبي الوحيد من نسل إسماعيل.

ويأتي الأنبياء جميعاً من نسل يعقوب، أخو اسماعيل الأصغر صلى الله عليهم جميعاً وسلم.

مكانة رسول الله بين قومه

لقد كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم رجال قريش حسباً، ونسباً.

وجميع أنبياء رب العزة يكونون كذلك، وأكمل خلق الله خلقاً وخُلقاً.

وعن واثله بن الأسقع رضي  الله عنه أن الله عز وجل، أصطفى من نسل إبراهيم إسماعيل، وأصطفى من بني إسماعيل كنانة.

وأصطفى من بني كنانة قريشاً، وأصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم.

ومما أصطفى الله به قريشاً أن جعل منهم سبع خصال ما أعطاها لغيرهم رغم كفرهم:

  • عبدوا الله 10 سنين لا يعبده إلا قرشي.
  • فضلهم أن نصرهم على أبرهة الحبشي في عام الفيل وهم مشركون.
  • وفضلهم أن أنزل فيهم سورة لم يدخل فيها غيرهم وهي سورة قريش.
  • فضلهم بأن فيهم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • جعل فيهم أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • وجعل فيهم الحجابة للبيت الحرام.
  • جعل فيهم سقاية الحجيج.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أيها الناس أنا محمد بن عبد المطلب، وأن الله خلق خلقه، فجعلني من خير خلقه.

ثم فرقهم فرقتين فجعلني خير الفرقتين، ثم جعل القبائل، فجعلني من خير قبيله.

ثم جعلهم بيوتاً، فجعلني من خير بيت، وأنا خيركم بيتًا، وخيركم نفساً).

رواه الترمذي واحمد وقال الهيثمي حديث صحيح.

الصفات الخلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم

كان حبيب الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، أي أبيض مشرئب بالحمرة.

واسع الجبين، أدعج العينين، أي واسع العينين، وعيناه صلى الله عليه وسلم شديدا السواد، في مقلتين شديدا البياض والصفاء.

مع وسعهما وكان له عينان مكحلتان، أهدب الأشفار أي طويل رموش العينين والتي تبدو كأنهما مكحلتان، وكان مفلج الأسنان.

كث اللحية، شديد سواد اللحية، وكان شعره أسود شديد السواد، كان تارة يسدله حتى كتفيه.

وتارة يجعله ضفيرة خلف رأسه وكان شعره ناعم بكسره.

وكان من كثافة لحيته؛ أنه إذا تكلم صلى الله عليه وسلم بدى لمن يقف خلفه اهتزاز لحيته من كثافتها.

وكان صلى الله عليه وسلم عريض المنكبين، ممتلئ الصدر جميل الكفين والقدمين.

ليس بالطويل البائس، ولا بالقصير المتردد، كان إذا شوهد بين الرجال يرى أطولهم.

وكان إذا مشي صلى الله عليه وسلم ينكفئ للأمام، كان ضخم، وكان في وجهه تداوير كان وجهه كالقمر ليلة البدر.

حسن الصوت محمر الخدين، خليع الغم والهم، محمود بين الرجال، سوي البطن والصدر أشهر المنكبين والذراعين.

بين كتفيه خاتم النبوة كبيضة الحمامة، كان صلى الله عليه وسلم لعرقه طيب أطيب من المسك، ولكفيه نعومه أشد من الحرير.

وعن البراء يقول:

(ما رأيت له أحسن من حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالطويل ولا بالقصير)، رواه مسلم.

وعن ابن إسحاق قال: سئل البراء (هل كان وجه النبي كالسيف؟)

قال: (لا بل مثل القمر)، رواه البخاري.

وعن أنس بن مالك قال:

دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نام عندنا، فعرق، فجاءت أمي بقارورة.

فأخذت تسلت العرق فيها، فأستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

(يا أم سليم ما هذا الذي تضعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا نطيب به (الطيب هو العطر).

ونرجو بركته لصبياننا، قال أصبت.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرح أستنار وجهه كأنه قطعة قمر.

أخلاق رسول الله صل الله عليه وسلم

مدحه ربه صلى الله عليه وسلم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم).

قال صلى الله عليه وسلم: (أدبني ربي فأحسن تأديبي).

وقال صلى الله عليه وسلم أن الله يعطي على مكارم، وحسن الأخلاق ما لا يعطي لغيرها.

وقال صلى عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد خلق الله حياءاً.

فعن بن سعيد الخضري أنه كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها آخره البخاري.

قال صلى الله عليه وسلم أن الإيمان بضعاً وستون شعبة، أو وسبعون شعبة والحياء شعبة من شعب الإيمان.

وكان حلمه واحتماله وعفوه وصبره من صفات أدبه؛ التي ميزه الله بها تبارك وتعالى.

وكان صلى الله عليه وسلم حلمه ليس فيه ذلة أو هفوة.

ورغم ما لاقاه من شدة الأذى وابتلاء وإسراف من الجاهلية لم يرد إلا بحلم، وعفو، ودعاء بالتوبة والإصلاح.

ويكفينا ما لاقاه صلى الله عليه وسلم من أذى من أهل الطائف، فما كان منه إلا انه قال:

صلى الله عليه وسلم (رب أغفر لقومي فانهم لا يعلمون).

وأخبرت أم المؤمنين عائشة أن ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أختار أيسرهما، ما لم يكن إثما.

ولم يكن رسول الله يوماً منتقم لنفسه، ولم يكن شديداً إلا إذا انتهكت حرمات الله.

كان رسول الله أسرع الناس رضا، أكثرهم حلمًا وعدلا ورحمة ورأفة.

وإذا تحدثنا عن الجود والكرم، فكان صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخاف الفقر.

وكان أشد ما يكون جوده يكون في رمضان.

تابع الصفات الخلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ابن عباس أنه كان في رمضان أجود من الريح المرسلة وعن الشجاعة وغوث، ونجدة الملهوف.

فقد كان أشجع الناس وأولهم حضوراً في أشد وأصعب وأخطر المواقف التي يفر منها الابطال الصناديد ويظل ثابتا لا يبرح مكانه فيقبل ولا يدبر.

قال علي كرم الله وجهه (كنا إذا حمى البأس، واحمرت الحدق وحمي الوطيس.

احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكون أحد أقرب من العدو منه).

وعن أنس، أن أهل المدينة فزعوا ذات ليله ففزع الناس نحو الصوت الذي أفجعهم.

فوجدوا رسول الله راجعاً وقد تسبق الجميع إلى الصوت، وهو على فرس دون لجام لأبي طلحة.

وفي عنقه سيف يقول لم تراعوا لم تراعوا أي لا تفزعوا، لا شيء لقد أطفأها الله عزّ وجل).

بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.

وكان أوفى الناس بالوعود والعهود، وأكثرهم صلي الله عليه وسلم رحمة وأحسنهم تواضعاً.

ولم يكن فاحشاً، ولا لعاناً، ولا بذيئاً، وكان لا يقابل السيئة بالسيئة، بل بالعفو والتسامح.

ولم يقل لخادم أفً، ولما فعلت ذلك، أو لما لم تفعل ذلك، وكان يحب المساكين.

ويقول رب أمتني مسكيناً، واحشرني مع المساكين، فقد كان يجالسهم، ويشهد جنائزهم، ويحضر قبورهم.

وكان اشد الناس عدلا، ً وأعظمهم أمانة، وكان يسمى قبل بعثه بالصادق الذي لم يكذب قط.

وكذلك بالأمين الذي توضع عنده الأمانات، وكان أشد الناس تواضعاً، وهو أشرف خلق الله وأحبهم إليه.

كان يكره القيام له كما يقوم الناس للملوك، قالت عائشة كان يخصف نعله، ويخيط ثوب.

ويعمل بيديه، كما يعمل أحدكم في بيته، ويحلب شاته، ويخدم نفسه.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كامل الصفات، لا نظير له في كمالها.

وكفى أن رب العزة شهد بكماله فقال (وإنك لعلى خلق عظيم).

قد يهمك: هل يجوز قول اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد

ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم

  • ولد الرسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل يوم الإثنين
  • الثاني عشر من ربيع الأول.
  • وكذلك بعث يوم الاثنين، وهاجر يوم الإثنين، ووصل المدينة يوم الإثنين، ورفع الحصر يوم الإثنين.
  • وأيضاً توفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وكانت ولادته في دار ابي طالب، وكانت حاضنته أم أيمن الحبشية.
  • وأول من أرضعته هي ثويبه أمة عمه أبي لهب.

معجزات ميلاد الحبيب

ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرور مختون أي مقطوع الحبل السري، وعند ولادته قالت أم النبي صلى الله عليه وسلم:

رأيت نوراً يخرج منها فأضاء قصور الشام، وروي أن عند ميلاده الشريف سقطت أربع عشر شرفة من إيوان كسري.

وخمدت نار المجوس، وأنهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن جفت.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت امي نوراً يخرج منها أضاءت منه قصور الشام.)

ودعوة إبراهيم في قوله تعالى في سورة البقرة:

(ربنا وأبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم).

وبشرى عيسى في قول الله تعالى:

(ومبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد).

عن حسان بن ثابت شاعر الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(وَاَللَّهِ إنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ، ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ، أَعْقِلُ كُلَّ مَا سَمِعْتُ.

إذْ سَمِعْتُ يَهُودِيًّا يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أطمه بِيَثْرِبَ.

: يَا مَعْشَرَ يَهُودِ، حَتَّى إذَا اجْتَمَعُوا إلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: وَيلك مَالك؟ قَالَ: طَلَعَ اللَّيْلَةَ نَجْمُ أَحْمَدِ الَّذِي وُلِدَ بِهِ.).

رضاع الرسول صلى الله عليه وسلم

كان من عادة العرب تسليم مواليدهم إلى مرضعات من خارج قريش؛ ليعلمنهم البأس وخوشنت الحياة.

ليشتد عودهم وبأسهم، وعند ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتت المراضع إلى مكة يتلمسون المواليد من أبناء قريش.

وكلما زاد ثراء أسرة المولود، زاده تكالبهن عليه وكان من بينهم حليمة بنت الحارث وهي من نسوة بني سعد بن بكر.

وتقول السيدة حليمة رضي الله عنها قدمنا مكة.

وما من مرضع إلا وعرض عليها أشرف الخلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهن قبوله.

وقلن إنه يتيم، وما عسى أن تصنع بنا أمه، أو عمه، أو جده، فلم أجد غيره فأخذته.

ولم أخذه إلا لأني لم أجد غيره، وقلت لأخذن هذا اليتيم من عبد المطلب عسى الله أن ينفعنا به.

وما أن أخذته ومشيت الراحلة إلا وأندفع اللبن في ثدياي حتى أرويته وأرويت أخاه.

وقام زوجي بحلب الشاه والتي كانت ضعيفة، هزيلة يحلبها وفجاءة قد أمتلأ ضرعها لبن.

وقال لي:

والله يا حليمة لقد أصبنا نسمة مباركة، وكانت راحلة حليمة ضعيفة تسير ببطء.

وما أن ركبها رسول الله تحمله حليمة، إلا وقد بدت فيها الصحة وأشتد عودها.

لدرجة أن صويحباتها قلنا لها هذه راحلتك التي جئت عليها؟ قالت نعم، ولكن حملت عليها غلاماً مباركاً.

فما زال الله يزيدنا بخير كل يوم، فشبعت الأغنام وسمنت.

وكان هذا الغلام المبارك يشب كل يوم؛ بما لا يشبه أحد من الغلمان فيشب في الشهر ما يشب به غيره في سنة.

فلما أكمل سنتين ردوا إلى مكة، وقالت وزوجها والله لا نفارقه وقد رأينا ما أصابنا من بركات.

ولكن رفضت أمه السيدة آمنه بنت وهب، ورفض عمه أبو طالب.

حادثة شق الصدر

عن عقبة بن عبد السلمي رضي الله عنه، أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كيف كان شأنك مع السماء يا رسول الله؟

فقال:

كنت في بادية بني سعد، وكنت ألعب مع ابناً لحاضنتي، ولم نأخذ معنا زاداً، فقلت لأخي:

(أذهب فأتنا بزاد لنا من عند أمنا) فأنطلق، ومكثت في البهم فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران.

فقال أحدهما:

(أهو هو؟ قال الآخر: نعم) فأبتدراني، وبطحاني إلى القفا، فشقا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين.

فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي، ثم قال: ائتني بماء بردٍ فغسلا به قلبي.

ثم قال: ائتني بالسكينة، فذرّاها على قلبي ثم خاطا بطني وختم عليه بخاتم النبوة ثم أنطلقا وتركاني.

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب فشقق قلبه.

وأستخرجه، ونزع منه علقة سوداء، هي حظ الشيطان لعنة الله عليه من ابن آدم.

ثم غسله في طست من ذهب فيه ماء زمزم.

ثم أعاده مكانه، وكنت لا أزال أرى مكان هذا الخيط المخيط في صدره الشريف صلى الله عليه وسلم.

وجدت حادثة شق الصدر مرة أخرى في رحلة الإسراء والمعراج.

بحيرة الراهب

وما أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ديار بني سعد بعد انتهاء فتره رضاعته، ودخل بيت أبو طالب.

إلا وقد دخلت البركات، فقد كان أبو طالب فقيراً، وما كان أولاده يشبعون من الطعام.

لكن لما دخل بينهم حبيب الله صلى الله عليه وسلم حل بالطعام بركة، وحل الرزق والوفرة.

وكان يقول له أبو طالب: إنك مبارك عن باقي الغلمان يصبحون شعثاً رمصاً ورسول الله يصبح وهيناً كحيلاً.

ولما أحس ابو طالب ببركات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمس منه البر والحب، كان لا يفارقه أبداً.

وازداد تعلقه به، وكان أحب وأقرب أولاده إليه، وكان أبو طالب يعمل بالتجارة، وكان يخرج إلى الشام في تجارته.

فخرج إلى الشام ذات مرة وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

أن أبو طالب كان معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة.

فلما وصلوا إلى الراهب بحيرة في طريقهم، حطوا رحالهم فخرج إليهم.

وكانوا قبل ذلك يروحون، ويرجعون، ولا يخرج عليهم الراهب بحيرة.

فجعل يتفحصهم، ويتخللهم حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ يديه، فقال:

(هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين) فقال له اشياخ قريش:

وما أدراك؟ فقال حين أشرفتم من العقبة لم يبقى شجر ولا حجر إلا خر ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي.

وإني أعرفه من خاتم النبوة أسفل كتفه مثل التفاحة، فناشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم؛ فإن الروم إذا عرفوه قتلوه.

ثم قال: أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب فناشده أن يرده إلى مكة فبعث معه بلال، وأبا بكر، وزودوه بالكعك والزيت.

فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم سالماً لم يناله أذى من يهود أو نصارى.

بعث محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره الشريف؛ حبب إليه الخلوة.

فقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في غار حراء في شهر رمضان من كل عام.

وهو غار في جبل من الجبال المشرفة على مكة والتي ينقطع عنها صخب الناس، ويعم السكون، والسكينة التامة.

وكان يأخذ معه زاده، وينقطع عن عباد الله، ويتجه بقلبه إلى رب العباد.

فكان يتعبد ويصفى قلبه، ويثقل نفسه وروحه، حتى وصل الصفاء إلى المرتبة التي أعدها الله له لتلقي الوحي.

وبدأ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رمضان في ليله من الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان أتاه وحي السماء.

بأول آيات نزلت على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأت (اقرا)، فخرج إلى خديجة خائفا.

يتصبب عرقاً، يقول: زملوني زملوني.

وقال: لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوجته الأولى، وأحبهن إليه، رضي الله عنها وأرضاها، رأيت ضوءاً وسمعت صوتاً.

وإني أخشى أن يكون بي جنوناً، فقالت: لم يكن الله ليفعل ذلك بك يا ابن عبد الله.

ثم أتت ورقة ابن نوفل، فذكرت له ذلك، فقال:

(إن يكن ذلك حق فإن هذا هو الناموس، ناموس الأنبياء وناموس موسى، فإن بعثت وأنا حي فسأعذره، وأنصره، وأؤمن به.

فزفت له السيدة خديجة البشرى، فقص عليها ما رأى، فقال صلى الله عليه وسلم:

أنه جاءه الملك، فقال: اقرا قال: ما أنا بقارئ فأحتضنه حتى بلغ منه الجهد.

ثم أرسله وقال: له أقرأ، فقال: رسول الله ما أنا بقارئ ثم الثانية ثم الثالثة وفي كل مرة يقول الملك اقرأ.

فيرد عليه رسول الله يقول: ما أنا بقارئ.

وفي الرابعة أيضا قال له:

(اقرا باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرا وربك الأكرم).

فقالت له السيدة خديجة رضي الله عنها:

(كَلا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ).

الدعوة سراً

بعد أن ذهب الروع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواصل نزول الوحي على العالمين.

فينزل عليه القران من رب العالمين أمره ربه؛ أن يبدء بدعوة قومه  إلى دين التوحيد، وهجر عبادة الأصنام.

وأن يبدأ بالدعوة سراً، بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بيته الأكرمين.

فدعاهم فآمنوا، وأولهم كانت السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى، ثم بالأقربين.

ثم من توسمت فيهم خيراً مثل أبو بكر الصديق، ومولاه زيد ابن حارثة، وأبن عمه علي بن ابي طالب.

وكان صبياً يعيش في كنف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لأبي بكر دور كأول داعية للإسلام من المؤمنين.

فأسلم على يديه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يطلق عليه ذا النورين.

والزبير بن العوام، وهو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبنة عمته صفيه بنت عبد المطلب.

وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، خال النبي صلى الله عليه وسلم، وطلحه بن عبيد الله.

وكل رجالهم من العشرة المبشرين بالجنة من هم في ميزان أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

ولما أكتمل عدد الموحدين ثلاثين رجلاً وامرأة.

أختار لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم ابن أبي الأرقم، ليعلمهم، ويرشدهم، وكان الوحي قد زاد نزوله وتتابعه.

فبدأت بالسور القصيرة التي تدنس الشرك، وتصف لهم الجنة والنار.

فاعتمدت سياسة سيدنا محمد على تطهير النفس، فعليهم ستبنى أمة الإسلام.

اخترنا لك أيضا: اللهم صلى على سيدنا محمد

أخيرًا في نهاية مقالنا الذي تحدثنا عن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتناولنا اسم الرسول، وأصله الكريم، وكذلك نسبه الشريف.

أيضا مكانة رسول الله بين قومه، إضافة إلى الصفات الخلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبالمثل ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك معجزات ميلاد الحبيب، نرجو أن نكون قد قدمنا لكم محتوى مفيد وهادف ونتمنى منكم نشر المقال على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتعم الفائدة.

مقالات ذات صلة