قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب

قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب، يعتبر الشعر الجاهلي هو أفصح وأجود الشعر في التاريخ العربي، كما يعتبر الشعراء الجاهليون.

طليعة الشعراء في كل عصور الأدب العربي، كما أن من بين شعراء العصر الجاهلي نبغ عدد منهم.

لذلك سنقوم في هذا المقال بالحديث عن قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب وهي لعنترة أحد فحول الشعر العربي.

تعريف عام بالشاعر عنترة بن شداد العبسي

في معرِضِ حديثنا عن ترجمة الشاعر عنترة بن شداد سوف نذكر النقاط التالية:

  • ولد الشاعر عنترة بن شداد العبسي في عام 525 م.
    • في منطقة الجِواء من أرض المملكة العربية السعودية، حيث تسمى الجِواء حاليًا (القصيم).
  • يعتبر الشاعر عنترة من فحول الشعر العربي حيث له العديد من القصائد.
    • التي بقيت خالدة على مر العصور ومنها معلقته الشهيرة التي مطلعها (هل غادر الشعراء من متردم).
  • وُلد عنترة من أمٍ كانت عبدة لشداد أحد سادات قبيلة عبس وكان شداد لا يعترف بعنترة ابن له.
    • إلى أن هاجمتهم إحدى القبائل يومًا فلم يهرع عنترة للدفاع عن القبيلة إلى أن قال له شداد كر وأنت حر.
    • عندها انطلق عنترة للقتال وكانت لهم الغلبة بفضل شجاعة عنترة، وبعدها أصبح عنترة حرًا واعترف شداد أن عنترة ابنه.
  • اتصف عنترة بالقوة والشجاعة والبسالة مع رجاحة العقل وحسن الخلق والمروءة.
  • كان عنترة عابس الوجه متجشم الملامح.
    • ورغم ذلك كان مرهف الإحساس رقيق الطباع فصيح اللسان.
  • أحب ابنة عمه عبلة وذكرها كثيرًا في أشعاره.
    • وقد ذكرت كتب التاريخ أنه لم يتزوجها رغم حبه الكبير لها.
  • كان لعنترة ألقاب متعددة منها (أبي المعايش، وأبي أوفى، وأبي الفوارس، والفلحاء).
  • توفي عنترة بن شداد العبسي عام 608 م.
    • عن عمر يناهز ثلاث وثمانين سنة تاركًا خلفه رصيدًا كبيرًا من القصائد الخالدة.

شاهد أيضًا: قصيدة المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم

قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب

وهي إحدى أقوى القصائد للشاعر عنترة، وقد كانت من البحر البسيط، وهذا نصها:

لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ * ولا ينالُ العلا من طبعهُ الغضبُ

ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ * إذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبوا

قدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُ * واليَوْمَ أَحْمي حِمَاهُمْ كلَّما نُكِبُوا

لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا * منَ الأكارمِ ما قد تنسلُ العربُ

لئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌ * يَوْمَ النِّزَالِ إذا مَا فَاتَني النَسبُ

إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي * قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ

إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها * عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ

اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً * يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ

فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً * وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِبُ

إنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُ * وأَشْرَقَ الجَوُّ وانْشَقَّتْ لَهُ الحُجُبُ

والخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَا * والطّعن مثلُ شرارِ النَّار يلتهبُ

إذا التقيت الأعادي يومَ معركة ٍ * تَركْت جَمْعَهم المَغْرور ينْتَهَب

لي النفوسُ وللطّيرِ اللحومُ وللـ * ـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة ِ السَّلَبُ

لا أبعدَ الله عن عيني غطارفة ً * إنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُوا

أسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهم * إلاَّ الأَسِنَّة ُ والهِنْدِيَّة ُ القُضْبُ

تعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرة ٌ * مِثْلُ السَّرَاحِينِ في أعناقها القَببُ

ما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاً * بالطَّعن حتى يضجَّ السَّرجُ واللَّببُ

فالعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظروا * والخُرْسُ لوْ كَانَ في أَفْوَاهِهمْ خَطَبُوا

والنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ لي * والضَّرْبُ والطَّعْنُ والأَقْلامُ والكُتُبُ

اقرأ أيضا: قصيدة مصطفى الجزار: كفكف دموعك وانسحب يا عنترة

شرح مفردات قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب

وفيما يلي شرح عدد من مفردات القصيدة:

  • الحِمى: وهو الشيء أو المكان الذي على الإنسان حمايته.
    • وكانت العرب تطلق اسم الحِمى على الوطن الذي يجب أن حمايته والذود عنه.
  • النكبة: هي المصيبة أو النائبة، حيث يقال أصابه الزمان بنكبةٍ أي حلت به مصيبة.
    • كما تقول العرب (نكب عن الشيء) أي حاد وانزاح عنه واعتزله.
  • درُّ: قبل فهم المعنى الحقيقي لهذه الكلمة لابد أن نتعرف على معنى الفعل.
    • فيُقال درَّ اللبن أي تدفق بغزارة، ودرَّت السماء أي أمطرت بشدة.
      • وعندها معنى قول العرب لله درُّك أي أكثر الله عطاءك وخصالك الحسنة.
  • النسل: هو الولد والذرية، وتقول العرب في المعجم نسل الولد ينسله نسلًا أي يلده.
  • الأكارم: و جمع كلمة أكرم ومعنى أكرم هو الشخص الشريف النسب الطيب الآباء.
    • وعكس أكرم هو اللئيم وهو الشخص مجروح النسب لا يعتدّ بأصله.
  • انقلبت: تعني هذه الكلمة التغير والتبدل الجذري، يقال انقلب الحال أي تبدل وتغير.
    • إما إلى الأحسن أو إلى الأسوأ.
  • عَطَبُ: يختلف معنى هذه الكلمة حسب حركة حرف الطاء فإذا كانت الطاء مفتوحة (عطَب) فهي تعني لان.
    • وعندما تكون الطاء مكسورة (عطِب) فهي تعني الهلاك.
    • وقد ورد في القصيدة بمعنى الفناء والهلاك.
  • فتى: تستخدم العرب كلمة فتى للدلالة على الشاب في سن البلوغ أو دونه.
    • ولكن عنترة استخدم هذه الكلمة للدلالة على الرجل الشجاع المقدام ذو المروءة.
  • العُصَبُ: عصبة الرجل هم أهله وخاصةُ أقاربه.
    • وتطلق العرب كلمة عصبة على الرهط من الناس بين العشرة حتى الأربعين.
  • انثنى: أي عاد من الحرب يمشي مفتخرًا.
  • مختضبُ: أختضب أي اصطبغ بالحناء، ويقصد بها لون الدم.

شرح قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب

وفيما يلي سنورد شرح بعض أبيات القصيدة:

  • البيت الأول: يفتتح عنترة قصيدته ببيت من الحكمة.
    • حيث يقول أن الإنسان ذو المكانة الرفيعة العالية لا يعرف الحقد طريقًا إلى قلبه.
    • كما أنه من يريد أن ينال أعلى المنازل بين الناس عليه أن يبتعد عن الغضب.
  • البيت الثاني: كما يتابع الشاعر حكمته في البيت الثاني حيث يقول أن العبد لابد أن يكون ذليلًا لأسياد قومه.
    • يتبعهم في فعالهم ويسترضيهم دائمًا عندما يعتبون عليه حتى ولو كان محقًا.
  • البيت الثالث: يبدأ الشاعر في هذا البيت الفخر بنفسه حيث يقول أنه كان مجرد عبدٍ يرعى أنعام القبيلة.
    • ولكنه بعد أن استرد حريته أصبح أحد أقوى فرسان القبيلة يدافع عنها ويحمي أرضها عند الهجوم عليها.
  • البيت الرابع: يفتخر الشاعر في هذا البيت بقبيلته عبس.
    • حيث يقول أن الله خيرهم وأعطاهم، فهم أعرق العرب نسبًا.
  • البيت الخامس: يقول الشاعر في هذا البيت أن من يعيره بلون جلده الأسود.
    • فليعلم أن سواده هو نسبه العريق في المعارك إذا ما افتخر الفرسان بأنسابهم.
  • البيت السادس: في هذا البيت يتوعد عنترة النعمان بن المنذر.
    • ويقول له لا تنعم بالسلامة طويلًا يا نعمان فلقد انقلب الحال وتغيرت الأيام وصار الوصول إليك سهلًا.
  • البيت السابع: يتابع خطابه للنعمان ويقول له سوف يعلم أخوك يا نعمان أي فارسٍ ومغوارٍ سوف يلقى في الحرب، فلا يغرنّه اعتداده بأهله وعشيرته.
  • البيت الثامن: ستعلمون عند القتال أني رجلٌ لا يخيفني غمار المعارك.
    • فأنا أقتحم الصفوف مبتسمًا لا أهاب الموت، كما أمشي بفخرٍ وعُجب عندما يصطبغ سنان رمحي بالدماء.

شاهد من هنا: شرح قصيدة البردة للبوصيري

وبالتالي نرى أن قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب هي من أروع ما قال عنترة بن شداد فهي تجمع بين الحكمة البليغة.

والفخر بالنفس والفخر بالعشيرة، حيث استخدم في صياغتها الألفاظ الجزلة والأسلوب المميز.

مقالات ذات صلة