حب العمل المهني

حب العمل المهني، لا شك أن العمل من أهم الضروريات لكي يحيا الإنسان حياة كريمة، أو على الأقل يستطيع الاكتفاء بكل ما يحتاجه من سبل الحياة، وحب العمل من أهم الأمور للاستمرار به والإنتاج المتزايد.

حب العمل المهني

  • حب وإتقان العمل من أهم المتطلبات الضرورية والأساسية لنجاح أي عمل نقوم به، فلا يوجد عمل به راحة فكل الأعمال مهما كانت سهلة فإنه بها نوع من المشقة، ولكن قد تجد البعض يتذمر من العمل بشكل دائم، وهذا يؤثر على إنتاجه به، فيصبح متكاسلًا ومتخاذلًا إلى أبعد حد، وقد يخسر عمله بسبب ذلك.
  • وعلى صعيد آخر تجد شخصا في نفس العمل، ولكنه دؤوب وشغوف به إلى أبعد درجة، يجد متعته ولذته في هذا العمل، بل ولا يعتبر مشقته تعب، بل تكمن المشقة في الراحة والبعد عن العمل.
  • ويستطيع الإنسان الوصول إلى هذه الدرجة من حب العمل، عندما يعي تماما أهمية هذا العمل له، لأسرته، ومستقبله، وتأمين حياته، كما أن الله – سبحانه وتعالى – لم يخلقنا هباءا، بل خلقنا للعبادة والعمل وتعمير الأرض.
  • كما أن العمل يعطي للإنسان رونقا خاصا به، يجعل له قيمة ودور فعال في المجتمع، وبه يكسب احترام الجميع، كما يكون معيلا وقادرا على كفاية نفسه ومن حوله، لا عالة على أحد، فالعمل يكسب الإنسان ثقة بنفسه، مما يؤثر على حياته بشكل كلي.

اقرأ أيضا: بحث عن الإخلاص في العمل

ضرورة العمل في الوقت الحالي

  • في ظل المتطلبات المتزايدة في الحياة التي نعيشها ومشاكلها، والأزمة التي يعيشها العالم من ارتفاع في الأسعار بشكل مبالغ فيه، فأصبحت الحاجة إلى العمل ضرورة ملحة، لتوفير ما يقتات منه الفرد وأسرته.
  • فالعمل هو أهم السبل لتحصيل الرزق، ولتحقيق ذلك لا بد من الالتحاق بأي عمل سواء كان مهنيا، أو وظيفيا، أو حرفة خاصة، أو عمل حر، وأيًا كان نوع العمل، فلا بد من وجود شغف به، فيجب على الإنسان أن يعمل ما يحب لكي يستطيع الإنتاج فيه وتحقيق ذاته.
  • وحتى أن أرغمته الظروف على عمل آخر لا يحبه، فلا مانع من أن يندمج فيه الشخص، وبتلاحم معه، ويقنع نفسه إنه يحب هذا العمل حتى يحبه بالفعل ويندمج معه، فبعض الأشخاص علاقتهم بالعمل علاقة حب وارتباط وثيقة، لا يقدر على أن يتركه أبدا، وبعد أيام من الإجازة يعود إليها مشتاقا وشغوفا.
  • وإذا كان عملك المهني لا يساعدك على ذلك بسبب ضعف الرواتب أو عدم تغطيتها لبعض الجوانب في حياتك، فهل تخيلت حياتك يومًا بدون هذا العمل، بالطبع لن تستطيع، فهو أمر مفجع أن تصبح بلا عمل، فكم من رب أسرة يبيت مكروب ومهموم بسبب إنه خالي العمل.
  • فعلاقتك بعملك يجب أن تكون قائمة بشكل دائم على الحب، حتى تكون قادرًا على العمل والعطاء فيه بإخلاص وجدية، وتظهر ثمار ذلك عليك وعلى المجتمع بشكل عام.

أسباب النفور وكره العمل المهني وطرق التغلب عليها

عندما يعمل الإنسان في مهنة يحبها، أو عمل خاص به فهو في الغالب يحبه بشكل كبير، ويستطيع الإنتاج فيه بصورة مثمرة، ولكن الوضع قد يختلف في العمل المهني، بسبب ما يواجه البعض من صعوبات تجعلهم ينفرون منه، ومن أبرزها ما يلي:

  • الأجور المتدنية وفي كثير من الأحيان لا تغطي جوانب الحياة، فهي بالكاد تكفي للطعام والشراب.
  • بعض الأشخاص الذين لديهم خبرات كافية لا يجدون فرص حقيقية للعمل.
  • سيطرة الواسطة والمحسوبية في تعيين بعض الأشخاص دون غيرهم ممن يستحقون.
  • عدم الموازنة بين حاجة السوق والتخصص المهني.
  • بعض العاملين ليس لديهم خبرة كافية.

كل هذه الأسباب تجعل بعض الأشخاص الأكفاء ينفرون من العمل المهني، ولكن يمكن التغلب عليها، ونستطيع تحقيق حب العمل المهني بتحقيق ما يلي:

  • توفير فرص عمل وتشغيل مناسبة.
  • توفير أجور مناسبة وعالية تغطي جميع جوانب الحياة، وتتناسب فعليا مع عدد ساعات العمل الكثيرة.
  • الدعم الحكومي وعمل برامج تدريبية.
  • تحسين وتطوير ظروف العمل لتلائم الموظفين وتساعدهم على الإنتاج.
  • عنصر المكافأة والتشجيع المستمر.

كما يمكنكم التعرف على: قيمة الاجتهاد في العمل في الإسلام

العمل في الإسلام

موقف الشريعة الإسلامية من العمل موقف إيجابي بكل أشكال العمل وأنواعه المختلفة ما دام كان شرعيا وليس به ما يخالف العقيدة، كما حرم الله – سبحانه وتعالى – الغش في العمل، وأمر بتحقيق الأمانة والإخلاص، ومن مواقف الإسلام في العمل ما يلي:

  • تشجيع الله – سبحانه وتعالى – على العمل حتى في يوم الجمعة وذلك بعد الصلاة، وهذا أكبر دليل على أهمية العمل وإنه من ضمن العبادات، والدليل على ذلك قوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، (سورة الجمعة، الآية رقم 10).
  • ومن أبرز الأدلة على أهمية العمل، الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يعمل في شبابه في تجارة السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
  • والدليل على تعظيم العمل وشأنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحا من يعمل ويأكل من تعب يده: (ما أَكَلَ أَحَدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليهِ السلامُ كان يأكلُ من عملِ يدِه).
  • بل أن بعض الصحابة الكرام كانوا يتخذون العمل لرفعة شأن صاحبه، فمهما بلغت الصفات الحسنة في الرجل مبلغها فلا قيمة له بدون عمل، والدليل على ذلك قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنِّي لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني)، فعدم امتلاك الرجل لحرفة سبب في سقوطه من عين أمير المؤمنين.

أهمية حب وإتقان العمل

حب العمل المهني أو أي عمل آخر مهما كان نوعه، ينعكس على نفسية الفرد بشكل إيجابي، فيكسبه ثقة بنفسه ويعلي من شأنه وسط المجتمع والأفراد، كما يعمل على زيادة دافعيته والرفع من جودة إنتاجه، وتكمن أهمية العمل فيما يلي:

  • المنفعة المادية وكسب الأموال، التي تعمل على سد حاجيات الإنسان وتأمين مستقبله ومستقبل أسرته، فزيادة الإنتاج الناتجة عن حب العمل والاندماج به، تدفع إدارة العمل إلى تقديم الحوافز والمكافآت المادية للموظف، مما يزيد من منفعته المادية من هذا العمل.
  • فتح العديد من الأفق الجديدة للموظف، فعندما تتقن عملك وتخلص له وتندمج به، وتكون شغوفا بالقدر الذي يجعلك مبتكرا ومعطاء، فهذا يجعلك فرصة يجب اغتنامها من قبل العديد من الشركات الأخرى للاستفادة بك، وقد يكون ذلك نظير مقابل أعلى، وفرصة أيضًا للترقيات والمناصب العليا.
  • إتقان العمل يوفر الكثير من الوقت والجهد الذي يتم إهداره في مراجعة العمل الغير متقن وتصحيح الأخطاء والمشكلات التي قد تقع بها، فالإتقان في العمل لا يوفر الوقت والجهد فحسب، بل يعمل أيضًا على زيادة الإنتاج وعدم نزف الطاقات.

كما يمكنكم الاطلاع على: كيف دعا الإسلام إلى العلم

حب العمل المهني يمكن الوصول له من خلال بناء علاقة حب مع العمل، لا تقوم على المنفعة المادية فقط، فالبعض يعمل لكي يحصل على أجر شهري نظير عمله، وهذا مطلوب لا شك، ولكن لا بد من وجود هدف آخر للعمل، وهو هدف مهني كالحصول على ترقية أو منصب معين، وغيرها من الأمور، أو تعلم أشياء جديدة واكتساب خبرات تفيدك بعد ذلك في ميادين الحياة أو لمشروعك الخاص، فيجب على كل إنسان إن يحب ما يعمل لكي يعمل ما يحب.

مقالات ذات صلة