ضبط النفس عند الغضب في الإسلام

يصاب الإنسان بالغضب عندما يشعر بالانفعال الشديد عند تعرضه لأي موقف يثير حفيظته وغضبه، ويتسبب في فوران الدم والقلب رغبة في الانتقام.

والغضب درجات فيوجد غضب معتدل لا يصيب صاحبه أو غيره بضرر، وهناك غضب تنجم عنه آثار بالغة الخطورة على الشخص ومن حوله، وفي هذا المقال سنتحدث عن ضبط النفس عند الغضب في الإسلام.

الغضب

الغضب هو رد فعل عاطفي شديد يمكن أن يحدث نتيجة للإحساس بالإساءة أو الظلم أو الإحباط. يعد الغضب جزءًا طبيعيًا من الحياة البشرية، ولكن يمكن أن يكون مضرًا عندما يؤدي إلى تصرفات عدوانية أو غير محسوبة. في هذه المقدمة، سنلقي نظرة عميقة على الغضب، من أسبابه إلى تأثيراته وكيفية التحكم فيه.

الغضب يمكن أن ينشأ من عدة عوامل، بما في ذلك الضغوطات النفسية والعاطفية، والإحباط، والخيبات، والإساءات، والظروف الصعبة. كما يمكن أن يكون الغضب استجابة لمواقف تهدد الشعور بالأمان أو السيطرة.

الغضب قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة العقلية والجسدية، بما في ذلك زيادة مستويات التوتر والقلق، وارتفاع ضغط الدم، وتدهور العلاقات الاجتماعية. يمكن أن يؤدي الغضب المفرط إلى تصرفات عدوانية أو عنف، مما يمكن أن يسبب أضرارًا للنفس وللآخرين.

تعتمد إدارة الغضب على فهم الأسباب الحقيقية للغضب وتعلم كيفية التعامل معه بشكل فعال. يمكن أن تشمل استراتيجيات إدارة الغضب التنفس العميق، والتفكير الإيجابي، والتواصل الفعال، والبحث عن مخرجات آمنة للعبارة عن الغضب، مثل التمرين البدني أو الكتابة.

كما يمكنكم الاطلاع على: ما حكم سب الدين عند الغضب وما كفارته؟

طرق ضبط النفس عند الغضب في الإسلام

قد يصل الإنسان لمراحل من الغضب المذموم والذي قد يخرج الإنسان عن طوره وآدميته في كثير من الأحيان، مما يترتب عليه أضرار بالغة الخطورة عليه وعلى من حوله، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، لذا شدد الإسلام على ضرورة ضبط النفس عند الشعور بالغضب، وذلك يكون بعدة أمور، وهي كما يلي:

الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم

من أهم الأسباب التي تساعد على ضبط الغضب والتحكم في النفس، وذلك لأن السبب في إشعال الغضب هو الشيطان الرجيم، وذلك لما يلي:

  • عندما يتشاجر شخصان سواء كانوا أخوين أو أقارب أو صديقين أو زوجين أو حتى غرباء.
  • يفرح الشيطان لأن هذه فرصته في الإفساد بينهما وفي الأرض، فيقوم بإشعال نيران الغضب بهما بوسوسته لهم.
  • لذا يجب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فهو يفر مذعورا منها ويترك المكان على الفور، وبالتالي يمكن السيطرة على الغضب.
  • والدليل على ذلك ما جاء في صحيح مسلم: (أن رجلين تشاجرا وتسابا، حتى احمر وجه أحدهما وبدأ يزمجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

اقرأ أيضا: ما حكم سب الدين عند الغضب وما كفارته؟

التزام الصمت

السكوت والصمت يكون أفضل في كثير من الأحيان، فلن تندم على سكوتك على عدم رد الإساءة قدر ندمك على قول ما هو أشد، وذلك:

  • لأنه عند الغضب يصدر عن الإنسان أفعال وتصرفات وكلمات يندم عليها لاحقا.
  • فقد يسيء لمن أمامه بطرق مهينة، فالشجار قد ينتهي ولكن وقع الكلام يبقي في النفس.
  • لذا فحاول لزوم الصمت عند الغضب، وهذا ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إذا غضب أحدكم فليسكت).

تغيير وضعية الجسم

تغيير الحالة التي عليها الجسم يساهم في التقليل من حدة الغضب:

  • فينصح الإنسان إذا كان واقفا أن يجلس، وذلك لأن الوقوف في حالة الغضب قد يؤدي إلى قيام الإنسان برد فعل عنيف، والجلوس يقلل منه.
  • فإذا كنت واقفا فلتعير من وضعك بالجلوس، وإذا استمر الغضب فلتضجع، أو تنام.
  • والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس؛ فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).

الوضوء والصلاة

الغضب جمرة من جمرات الشيطان التي يقوم بإشعالها في نفوس البشر، ولا تنطفئ إلا بالاستعارة منه، والوضوء والصلاة:

  • فالوضوء يطفئ نار الغضب، وقد جاء في أحد الأحاديث الضعيفة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الغضب من الشيطان، والشيطان خلق من النار، والماء يطفئ النار فإذا غضب أحدكم فليغتسل).
  • كما أن الصلاة مفتاح السكينة والهدوء والطمأنينة، فعندما يصلي الإنسان تنطفئ نار الغضب، ويهدأ قلبه، وتسكن نفسه، ويحل محل الغضب الهدوء والعقل، وينتهي ويتراجع عن كل منكر أو فحش كان يفكر بالقيام به.

الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم

تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تعرض له من مواقف أشد من ذلك:

  • ولكنه كان حليما وكاظما للغيظ وحسن الخلق ويجيد ضبط النفس.
  • فالتحلي بهذه الصفات من الأمور التي تساهم في ضبط النفس عند الغضب.
  • وهذا يحتاج إلى تدريب مستمر وبعض المعاناة لجهاد النفس.
  • ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن طلب وصيته، قال: (لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب).

تذكر نتائج الغضب

تذكر جيدا النتائج التي قد تترتب على الغضب وبعد انتهاء المشكلة:

  • عند الغضب والتفوه بأي كلام جارح أو القيام بأي فعل عنيف، تذكر جيدا النتائج التي ستؤول إليها الأمور بعد أن تهدأ.
  • والندم الذي سيعتريك، والعلاقات التي ستفسد أو يشوبها قلق وانكسار لا يمكن إصلاحه، أو الأضرار النفسية والجسدية والمادية التي سوف تقع على من حولك، وأجعل ذلك رادعا لك لضبط نفسك والتحكم بها.

كما يمكنكم الاطلاع على: هل يقع الطلاق وقت الغضب

النتائج المترتبة على الغضب

إذا اشتعل وتطور الغضب وتعدى الإنسان حدوده، فإن ذلك يؤدي إلى نتائج  وآثار نفسية وسلبية كارثية لا تقتصر على صاحبها فقط، ولكن تتعداه إلى غيره، لذا فإن ضبط النفس عند الغضب في الإسلام، ضروري لتفادي ذلك، ومن الآثار السلبية التي تترتب على الغضب، ما يلي:

  • الإصابة بالأمراض ومن أبرزها أمراض ضغط الدم، والضغط المرتفع، وأمراض القلب، وقد يعرض الإنسان نفسه لجلطات أو سكتات قلبية أو دماغية، وهي نتائج كارثية تنجم عن الغضب الشديد.
  • الأذى النفسي الذي نال الآخرين جراء بعض الكلمات الجارحة أو السباب أو المعايرة أو غير ذلك من الأمور الغير محمودة.
  • الأذى الجسدي سواء للإنسان نفسه أو لغيره عندما يرغب في الانتقام أو التشفي في حالة الغضب ولا يستطيع السيطرة على نفسه، فيمكن أن يصيب الآخرين بضرر بسبب لحظات الجنون التي يعيشها وفقدان السيطرة على النفس والعقل.
  • خسائر مادية وذلك لأن الغاضب قد يقوم بتكسير أي شيء أمامه من أثاث وغيرها.
  • امتلاء قلب الإنسان بالحقد والضغينة.
  • إفساد العلاقات الطيبة بين الناس وعدم عودتها كما كانت مرة أخرى، وانتهاء المودة والرحمة بينهم.
  • فرحة الشيطان بسبب الاستجابة له.
  • استحقاق الإنسان لغضب المولى جل في علاه، خاصة عندما يقوم بالسب والشتم والتلفظ بألفاظ كريهة وكلمات بذيئة، وقد يصل به الأمر إلى نطق بعض الألفاظ التكفيرية.

ضبط النفس وتأثيره على السلوك البشري

ضبط النفس هو عملية تعلمية تهدف إلى التحكم في الاندفاعات العاطفية والردود العاطفية والسلوكيات الضارة. تأثير ضبط النفس على السلوك البشري يكون عميقًا وشاملاً، ويمتد إلى جميع جوانب الحياة. إليك بعض التأثيرات الرئيسية لضبط النفس على السلوك البشري:

  • التحكم في الغضب والانفعالات: يُعتبر الغضب واحدًا من أكثر الانفعالات تأثيرًا على السلوك البشري، وضبط النفس يساعد في التحكم في هذه الانفعالات السلبية وتوجيهها بشكل إيجابي.
  • تحسين العلاقات الاجتماعية: عندما يتمكن الفرد من ضبط نفسه، يصبح لديه القدرة على التفاعل بشكل أفضل مع الآخرين وبناء علاقات صحية وإيجابية مع المحيطين به.
  • زيادة الانضباط الذاتي: يؤدي ضبط النفس إلى تعزيز قدرة الشخص على الانضباط الذاتي وتحقيق الأهداف المنشودة، سواء في المجال الشخصي أو المهني.
  • تعزيز القرارات الصائبة: عندما يكون الشخص قادرًا على ضبط نفسه، يصبح أكثر قدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والتفكير بوضوح وهدوء في الظروف الصعبة.
  • تعزيز الصحة النفسية والعقلية: يسهم ضبط النفس في تقليل مستويات التوتر والقلق وزيادة الشعور بالرضا والسعادة الداخلية، مما يعزز الصحة النفسية والعقلية.
  • تعزيز الإنتاجية والفعالية: عندما يكون الفرد قادرًا على ضبط نفسه، يصبح أكثر فعالية في أداء مهامه وزيادة إنتاجيته وتحقيق أهدافه بكفاءة أكبر.

التربية ووسائل ضبط النفس في الإسلام

ضبط النفس منذ اللحظة الأولى للتربية يعتبر أمرًا مهمًا جدًا لتنمية شخصية صحية ومتوازنة للأطفال. إليك بعض الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك:

  • النموذج الإيجابي: يعتبر الوالدين أو مربو الطفل النموذج الأول والأهم له. يجب عليهم تقديم نموذج إيجابي في التعامل مع الضغوط والانفعالات المختلفة، مما يعلم الأطفال كيفية التعامل مع المشاعر السلبية بطريقة بنّاءة.
  • تعليم التعبير الصحيح عن المشاعر: ينبغي تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة ومناسبة، سواء كانت إيجابية أو سلبية. يمكن ذلك من خلال التحدث معهم بشكل فعّال وفهم مشاعرهم وتوجيههم للتعامل معها بشكل مستقل.
  • تعليم التحكم في التنفس والاسترخاء: يمكن لتقنيات التنفس العميق والاسترخاء أن تساعد الأطفال على التحكم في مشاعرهم والتعامل مع الضغوط النفسية بشكل فعّال. يمكن تعليم الأطفال هذه التقنيات منذ سن مبكرة وتطبيقها في الحياة اليومية.
  • تحفيز الإيجابية وتعزيز الثقة بالنفس: ينبغي دعم الأطفال وتشجيعهم على تطوير مهارات التحليل الذاتي والتفكير الإيجابي. عندما يشعر الطفل بالثقة بنفسه وبقدرته على التحكم في مشاعره وتحقيق أهدافه، فإنه يكون أكثر قدرة على ضبط نفسه.
  • التوازن والاستقرار العاطفي: يُعتبر تحقيق التوازن والاستقرار العاطفي أمرًا هامًا في ضبط النفس. يجب تعليم الأطفال كيفية التعامل مع العواطف المتنوعة والبحث عن التوازن بين الإيجابية والسلبية في حياتهم.
  • تعزيز الحوار البناء: يُعتبر الحوار البناء والمفتوح بين الوالدين والأطفال أساسيًا في تطوير مهارات ضبط النفس. يمكن للحوار الصادق والمفيد أن يساعد الأطفال على فهم مشاعرهم وتجاربهم بشكل أفضل وتحديد الاستراتيجيات الفعّالة للتعامل معها.

أسئلة شائعة حول ضبط النفس عند الغضب

ما هو الغضب؟ وكيف يمكن التعبير عنه بطريقة صحيحة؟

الغضب هو رد فعل عاطفي طبيعي يحدث في مواقف مختلفة، ويمكن التعبير عنه بطرق مختلفة مثل التحدث بشكل هادئ ومباشر، وتحديد الأسباب والمشاعر التي أدت إلى الغضب.

ما هي أسباب الغضب؟ وكيف يمكن التعامل معها بشكل فعال؟

يمكن أن تكون أسباب الغضب متنوعة مثل الإحساس بالظلم، أو الإحباط، أو عدم التفهم. يمكن التعامل معها بشكل فعّال من خلال تحديد الأسباب بدقة والبحث عن حلول مناسبة للمشكلة.

ما هي أفضل الطرق لضبط النفس عند الشعور بالغضب؟

بعض الطرق تشمل التنفس العميق والتدريب على التفكير الإيجابي وتحديد الأفكار السلبية وتغييرها إلى أفكار إيجابية، بالإضافة إلى الابتعاد عن المواقف المحفزة للغضب حتى يتمكن الشخص من التفكير بوضوح.

كيف يمكن تحسين مهارات ضبط النفس عند الأطفال؟

يمكن تحسين مهارات ضبط النفس لدى الأطفال من خلال تعليمهم مهارات التنفس العميق والتحكم في التنفس، وتعزيز التواصل الفعّال والتفاعل الإيجابي معهم، وتعليمهم كيفية التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة وبناءة.

ما هي النتائج الإيجابية لضبط النفس عند الشعور بالغضب؟

من بين النتائج الإيجابية: تحسين العلاقات الشخصية، وتقليل الصدامات والنزاعات، وتحسين الصحة النفسية والعقلية، بالإضافة إلى زيادة الاستقرار العاطفي والنفسي.

مقالات ذات صلة