سورة الصافات مكتوبة مع التفسير

سورة الصافات مكتوبة مع التفسير، معنى كلمة الصافات أي أولئك الذين رتبوا أنفسهم بالترتيب، وهي السورة السابعة والثلاثون (37) من القرآن الكريم، والتي تتألف من مائة وثمانية وثمانون (182) آية.

وفيما يتعلق بالتوقيت والخلفية السياقية للوحي (عصب النزيل)، فهي “سورة مكية” سابقة، مما يعني أنه يعتقد أنها نزلت في مكة بدلاً من المدينة المنورة، تابعوا موقع مقال للتعرف على سورة الصافات مكتوبة مع التفسير.

شاهد أيضًا: فوائد سورة الفاتحة لقضاء الحوائج

سورة الصافات مع التفسير

﷽

  • وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ﴿1﴾ – أي صفوفًا في خدمة ربهم، وهم الملائكة.
  • فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴿2﴾ – وهم الملائكة، يزجرون السحاب وغيره بأمره سبحانه.
  • فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴿3﴾ – وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه- تعالى.
    ولما كانوا متألهين لربهم، ومتعبدين في خدمته، ولا يعصونه طرفة عين، أقسم بهم على ألوهيته.
  • فقال: إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴿4﴾ – أي ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب والخوف والرجاء، وسائر أنواع العبادة.
  • رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴿5﴾ – هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها، فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها.
  • فكذلك لا شريك له في ألوهيته، وكثيرًا ما يقرر- تعالى- توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، لأنه دال عليه.
  • وقد أقر به أيضا المشركون في العبادة، فيلزمهم بما  أقروا به على ما أنكروه.
    وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها.
  • فلهذا قال: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿6﴾ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴿7﴾ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الأعلى – ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:
  • إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرمًا مظلمًا لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.

الجزء الثاني من التفسير

  • حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثاقب.
  • وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ﴿8﴾ – طردًا لهم، وإبعادًا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.
  • دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿9﴾ – أي دائم، معد لهم، لتمردهم عن طاعة ربهم.
    ولولا أنه  تعالى  استثنى، لكان ذلك دليلاً على أنهم لا يستمعون شيئًا أصلا، ولكن قال:
  • إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ – أي إلا من تلقف من الشياطين المردة، الكلمة الواحدة على وجه الخفية والسرقة.
  • فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿10﴾ – تارة يدركه قبل أن يوصلها إلى أوليائه، فينقطع خبر السماء، وتارة يخبر بها قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة يروجونها بسبب الكلمة التي سمعت من السماء.

ولما بين هذه المخلوقات العظيمة قال:

  • فَاسْتَفْتِهِمْ – أي اسأل منكري خلقهم بعد موتهم.
  • أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا – أي إيجادهم بعد موتهم، أشد خلقا وأشق؟
  • أَمْ مَنْ خَلَقْنَا ۚ – من هذه المخلوقات؟ فلا بد أن يقروا أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.
    فيلزمهم إذا الإقرار بالبعث، بل لو رجعوا إلى أنفسهم وفكروا فيها، لعلموا أن ابتداء خلقهم من طين لازب، أصعب عند الفكر من إنشائهم بعد موتهم.

الجزء الرابع من تفسير الصافات

  •  ولهذا قال: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴿11﴾ – أي قوي شديد.
  • بَلْ عَجِبْتَ –  يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار.
  • وَيَسْخَرُونَ ﴿12﴾ – “وَأعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم “يَسْخَرُونَ”  ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.
  • وَإِذَا ذُكِّرُوا – “وَ” من العجب أيضًا أنهم “إِذَا ذُكِّرُوا” ما يعرفون في فطرهم وعقولهم، وفطنوا له، وألفت نظرهم إليه.
  • لَا يَذْكُرُونَ ﴿13﴾ – أي لا يذكرون ذلك، فإن كان جهلاً، فهو من أدل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة.
  • حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال، وإن كان تجاهلاً وعنادًا، فهو أعجب وأغرب.
  • وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴿14﴾ – أي من العجب أيضًا أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، وذكروا الآيات التي يخضع لهل فحول الرجال وألباب الألباء، يسخرون منها ويعجبون، ومن العجب أيضًا، قولهم للحق لما جاءهم:

الجزء الرابع من التفسير

  • وَقَالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿15﴾  فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.
  • ومن العجب أيضًا، قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه، فقالوا استبعادًا وإنكارًا:
  • إذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴿16﴾ أوباؤنا الْأَوَّلُونَ ﴿17﴾.
  • ولما كان هذا منتهى ما عندهم، وغاية ما لديهم، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم.
  •   فقال: قُلْ نَعَمْ – أي ستبعثون، أنتم وآباؤكم الأولون
  • وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ﴿18﴾ – ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، ولا تستعصون على قدرة اللّه.
  • فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ – ينفخ إسرافيل فيها في الصور.
  • فَإِذَا هُمْ – مبعوثون من قبورهم.
  • يَنْظُرُونَ ﴿19﴾ – كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا، وفي تلك الحال، يظهرون الندم والخزي والخسار، ويدعون بالويل والثبور.
  • وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هذا يَوْمُ الدِّينِ ﴿20﴾ – فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزءون.
  • فيقال لهم: وإذا أحضروا يوم القيامة، وعاينوا ما به يكذبون، ورأوا ما به يستسخرون، يؤمر بهم إلى النار، التي بها كانوا يكذبون، فيقال:
  • احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا – أي أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي.
  • وَأَزْوَاجَهُمْ – الذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.
  • وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿22﴾ مِنْ دُونِ اللَّهِ…. – من الأصنام والأنداد التي زعموها، فاجمعوهم جميعا.
  • وَقِفُوهُمْ ۖ  – قبل أن توصلوهم إلى جهنم.

الجزء الخامس من سورة الصافات مع التفسير

  • إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴿24﴾ – عما كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رءوس الأشهاد كذبهم وفضيحتهم؛ فيقال لهم:
  • مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴿25﴾ – أي ما الذي جرى عليكم اليوم؟ وما الذي طرقكم لا ينصر بعضكم بعضا، ولا يغيث بعضكم بعضًا، بعدما كنتم تزعمون في الدنيا، أن آلهتكم ستدفع عنكم العذاب، وتغيثكم وتشفع لكم عند اللّه.
  • فكأنهم لا يجيبون هذا السؤال، لأنهم قد علاهم الذل والصغار، واستسلموا لعذاب النار، وخشعوا وخضعوا وأبلسوا، فلم ينطقوا؛ ولهذا قال:
  • بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴿26﴾.
  • قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ﴿28﴾ –  أي بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنا مؤمنين.
  • قَالُوا – أي لهم.
  • فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ۖ – نحن وإياكم.

تكملة التفسير

  • إِنَّا لَذَائِقُونَ ﴿31﴾ – العذاب، أي حق علينا قدر ربنا وقضاؤه، أنا وإياكم سنذوق العذاب، ونشترك في العقاب.
  • فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴿32﴾ – أي دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها، وهي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم.
  • فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ – أي يوم القيامة.
  • فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴿33﴾ – وإن تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم.
    وكما اشتركوا في الدنيا على الكفر، اشتركوا في الآخرة بجزائه.
  • ولهذا قال: إِنَّا كذلك نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿34﴾.
    ثم ذكر أن إجرامهم، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال:
  • إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إله إِلَّا اللَّهُ – فدعوا إليها، وأمروا بترك إلهية ما سواه.
  • يَسْتَكْبِرُونَ ﴿35﴾ – عنها وعلى من جاء بها.
  • وَيَقُولُونَ – معارضًة لها.
  • أَئِنَّا لتاركوا آلِهَتِنَا – التي لم نزل نعبدها نحن وآباؤنا.
  • لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴿36﴾ – أي لقول شاعرٍ مجنون، ويعنون محمدًا- صلى اللّه عليه وسلم-؛ فلم يكفهم – قبحهم اللّه – الإعراض عنه، ولا مجرد تكذيبه.
  • حتى حكموا عليه بظلم الأحكام، وجعلوه شاعرًا مجنونًا، وهم يعلمون أنه لا يعرف الشعر والشعراء، ولا وصفه وصفهم، وأنه أعقل خلق اللّه، وأعظمهم رأيًا.

الجزء السادس من تفسير لسورة الصافات في القرآن

  • ولهذا قال- تعالى-، ناقضًا لقولهم:
  • بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ – أي مجيئه حق، وما جاء به من الشرع والكتاب حق.
  • فلو قدر عدم مجيئه، وهم قد أخبروا به، لكان ذلك قادحًا في صدقهم، وصدق أيضا المرسلين، بأن جاء بما جاءوا به، ودعا إلى ما دعوا إليه، وآمن بهم، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم.
  • ولما كان قولهم السابق: “إِنَّا لَذَائِقُونَ” قولاً صادرًا منهم، يحتمل أن يكون صدقا أو غيره، أخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين، وهو الخبر الصادر منه تعالى، فقال:
  • إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴿38﴾ – أي المؤلم الموجع.
  • وَمَا تُجْزَوْنَ –  في إذاقة العذاب الأليم.
  • إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿39﴾ – فلم نظلمكم، وإنما عدلنا فيكم؟
    ولما كان هذا الخطاب لفظه عامًا، والمراد به المشركون، استثنى تعالى المؤمنين فقال:
  • إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿40﴾ – أي فإنهم غير ذائقي العذاب الأليم، لأنهم أخلصوا للّه الأعمال، فأخلصهم، واختصهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه.
  • ومن كرامتهم عند ربهم، وإكرام بعضهم بعضًا، أنهم على:
  • على سُرُرٍ – وهي المجالس المرتفعة، المزينة بأنواع الأكسية الفاخرة، المزخرفة المجملة، فهم متكئون عليها، على وجه الراحة والطمأنينة، والفرح.

تفسير للجزء السابع لسورة الصافات

  • يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴿45﴾ – أي يتردد الولدان المستعدون لخدمتهم بالأشربة اللذيذة، بالكاسات الجميلة المنظر، المترعة من الرحيق المختوم بالمسك، وهي كاسات الخمر.
  • وتلك الخمر، تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها:
  • بَيْضَاءَ – من أحسن الألوان؛ وفي طعمه:
  • لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴿46﴾ – يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده.
  • وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ – أي وعند أهل دار النعيم، في محلاتهم القريبة، حور حسان، كاملات الأوصاف، قاصرات الطرف.
  • إما أنها قصرت طرفها على زوجها، لعفتها وعدم مجاوزته لغيره، ولجمال زوجها وكماله.
  • بحيث لا تطلب في الجنة سواه، ولا ترغب إلا به، وإما لأنها قصرت طرف زوجها عليها.
  • وذلك يدل على كمالها وجمالها الفائق، الذي أوجب لزوجها، أن يقصر طرفه عليها، وقصر الطرف أيضا، يدل على قصر النفس والمحبة عليها.
  • وكلا المعنيين محتمل، وكلاهما صحيح، و كل هذا يدل على جمال الرجال والنساء في الجنة، ومحبة بعضهم بعضًا، محبًة لا يطمح إلى غيره، وشدة عفتهم كلهم، وأنه لا حسد فيها ولا تباغض، ولا تشاحن، وذلك لانتفاء أسبابه.
  • عِينٌ ﴿48﴾ –  أي حسان الأعين جميلاها، ملاح الحدق.
  • كَأَنَّهُنَّ – أي الحور.

الجزء الثامن من تفسير سورة الصافات

  • بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴿49﴾ – أي: مستور، وذلك من حسنهن وصفائهن وكون ألوانهن أحسن الألوان وأبهاها، ليس فيه كدر ولا شين.
  • فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿50﴾ – لما ذكر- تعالى- نعيمهم، وتمام سرورهم، بالمآكل والمشارب، والأزواج الحسان، والمجالس الحسنة، ذكر تذاكرهم فيما بينهم، ومطارحتهم للأحاديث، عن الأمور الماضية.
  • وأنهم ما زالوا في المحادثة والتساؤل، حتى أفضى ذلك بهم، إلى أن قال قائل منهم:  “إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ”.
  • قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴿51﴾ – في الدنيا، ينكر البعث، ويلومني على تصديقي به.
  • أي يقول صاحب الجنة لإخوانه: هذه قصتي، وهذا خبري، أنا وقريني، ما زلت أنا مؤمنا مصدقا، وهو ما زال مكذبا منكرا للبعث.
    • حتى متنا، ثم بعثنا، فوصلت أنا إلى ما ترون، من النعيم، الذي أخبرتنا به الرسل، وهو لا شك، أنه قد وصل إلى العذاب.
  • فَاطَّلَعَ فَرَآهُ – أي رأى قرينه.
  • فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿55﴾ – أي في وسط العذاب وغمراته، والعذاب قد أحاط به.
  • قَالَ – أي فقال له لائمًا على حاله، وشاكرًا للّه على نعمته أن نجاه من كيده:
  • تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴿56﴾ – أي تهلكني بسبب ما أدخلت عليَّ من الشُّبَه بزعمك.
  • وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي – على أن ثبتني على الإسلام.
  • لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴿57﴾ – في العذاب معك.
  • أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴿58﴾ إِلَّا مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿59﴾ – أي يقوله المؤمن، مبتهجًا بنعمة اللّه على أهل الجنة بالخلود الدائم فيها والسلامة من العذاب;
  • استفهام بمعنى الإثبات والتقرير أي: يقول لقرينه المعذب: أتزعم أننا لسنا نموت سوى الموتة الأولى، ولا بعث بعدها ولا عذاب.
  • وقوله “فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ”، وحذف المعمول، والمقام مقام لذة وسرور، فدل ذلك على أنهم يتساءلون بكل ما يلتذون بالتحدث به، والمسائل التي وقع فيها النزاع والإشكال.

الجزء التاسع من سورة الصافات مع التفسير

  • ومن المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم، والبحث عنه، فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه.
  • فلما ذكر تعالى نعيم الجنة، ووصفه بهذه الأوصاف الجميلة، مدحه، وشوَّق العاملين، وحثَّهم على العمل فقال:
  • إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾ – الذي حصل لهم به كل خير، وكل ما تهوى النفوس وتشتهي، واندفع عنهم به كل محذور ومكروه.
  • فهل فوز يطلب فوقه؟ أم هو غاية الغايات، ونهاية النهايات، حيث حل عليهم رضا رب الأرض والسماوات، وفرحوا بقربه، وتنعموا بمعرفته واستروا برؤيته، وطربوا لكلامه؟
  • لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴿61﴾ – فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس.
  • الحسرة كل الحسرة، أن يمضي على الحازم، وقت من أوقاته، وهو غير مشتغل بالعمل، الذي يقرب لهذه الدار، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار البوار؟
  • أَمْ – أي أم طعام أهل النار؟ وهو:
  • شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴿62﴾.

الجزء العاشر من سورة الصافات مع التفسير

  • إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ﴿63﴾ – أي عذابًا ونكالاً للظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي.
  • إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ﴿64﴾ – أي وسطه فهذا مخرجها، ومعدنها أشر المعادن وأسواؤها، وشر المغرس، يدل على شر الغراس وخسته، ولهذا نبهنا اللّه على شرها بما ذكر أين تنبت به، وبما ذكر من صفة ثمرتها.
  • فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴿66﴾ – فهذا طعام أهل النار، فبئس الطعام طعامهم؛ ثم ذكر شرابهم فقال:
  • لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ﴿67﴾ – أي ماءً حارًا، قد انتهى، كما قال- تعالى-: “وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا” وكما قال- تعالى-: “وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ”.
  • أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ ﴿71﴾ – وقليل منهم آمن واهتدى.

الجزء الحادي عشر من التفسير

  • فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴿73﴾ – كانت عاقبتهم الهلاك، والخزي، والفضيحة، فليحذر هؤلاء أن يستمروا على ضلالهم، فيصيبهم مثل ما أصابهم.
    ولما كان المنذرون ليسوا  كلهم ضالين، بل منهم من آمن وأخلص الدين للّه، استثناه اللّه من الهلاك فقال:
  • إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿74﴾ – أي الذين أخلصهم اللّه، وخصهم برحمته لإخلاصهم، فإن عواقبهم صارت حميدة.
    ثم ذكر أنموذج من عواقب الأمم المكذبين فقال:
  • ودل قوله: “إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ” أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه.
  • وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ﴿83﴾ – أي وإن من شيعة نوح- عليه السلام-، ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل- عليه السلام.
  • إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿84﴾ – من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان قلب العبد سليمًا، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه، وبدأ بأبيه وقومه فقال:
  • إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ ﴿85﴾ – هذا استفهام بمعنى  الإنكار، وإلزام لهم بالحجة.
  • فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿87﴾ – وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادا وشركاء؛ فأراد- عليه السلام- أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في حين غفلةٍ منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم.
  • فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴿90﴾ – “فَـ” لهذا “تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ” فلما وجد الفرصة.
  • فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ – أي أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة.
  • فَقَالَ – متهكمًا بها:
  • أَلَا تَأْكُلُونَ ﴿91﴾ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ ﴿92﴾ – أي فكيف يليق أن تعبد، وهي أنقص من الحيوانات، التي تأكل أو تكلم؟ فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم.
  • فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ﴿93﴾ – أي جعل يضربها بقوته ونشاطه، حتى جعلها جذاذا، إلا كبيرا لهم، لعلهم إليه يرجعون.
  • فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴿94﴾ – أي يسرعون ويهرعون، أي يريدون أن يوقعوا به، بعدما بحثوا وقالوا: “مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ”.

الجزء الثاني عشر من سورة الصافات

  • فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ﴿97﴾ – جزاءً على ما فعل، من تكسير آلهتهم.
  • فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا – ليقتلوه أشنع قتلة.
  • فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴿98﴾ – رد اللّه كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم بردًا وسلامًا.
  • وكان قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام؛ “سَيَهْدِينِ” أي يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي.
  • وقال في الآية الأخرى: “وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا“.
  • رَبِّ هَبْ لِي – ولدًا يكون:
  • مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿100﴾ – وذلك عند ما أيس من قومه، ولم ير فيهم خيرًا، دعا اللّه أن يهب له غلامًا صالحًا، ينفع اللّه به في حياته، وبعد مماته؛ فاستجاب اللّه له وقال:
  • فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴿101﴾ – وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شك، فإنه ذكر بعده البشارة بإسحاق، ولأن اللّه تعالى قال في بشراه بإسحاق “فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ”.
  • فدل على أن إسحاق غير الذبيح، ووصف اللّه إسماعيل- عليه السلام- بالحلم، وهو يتضمن الصبر، وحسن الخلق، وسعة الصدر والعفو عمن جنى.
  • فَلَمَّا بَلَغَ – أي الغلام.
  • فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ –  فإن أمر اللّه تعالى، لا بد من تنفيذه.
  • قَالَ – إسماعيل صابرًا محتسبًا، مرضيًا لربه، وبارًا بوالده.

الجزء الثالث عشر من سورة الصافات مع التفسير

  • سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴿102﴾ – أخبر أباه أنه موطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة اللّه تعالى.
  • فَلَمَّا أَسْلَمَا – أي إبراهيم وابنه إسماعيل، جازمًا بقتل ابنه وثمرة فؤاده، امتثالاً لأمر ربه، وخوفًا من عقابه، والابن قد وطَّن نفسه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربه، ورضا والده.
  • وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴿103﴾ – أي تل إبراهيم إسماعيل على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه.
  • فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل، أراد- تعالى- أن يصفي وُدَّه ويختبر خلته، فأمره أن يذبح من زاحم حبه حب ربه.
  • فلما قدّم حب اللّه، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال:
  • كذلك نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿110﴾ – في عبادة اللّه، ومعاملة خلقه، أن نفرج عنهم الشدائد، ونجعل لهم العاقبة، والثناء الحسن.

الجزء الرابع عشر من تفسير الصافات

  • وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿112﴾ – هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيًا من الصالحين، فهي بشارات متعددة.
  • وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعلي إِسْحَاقَ ۚ – أي أنزلنا عليهما البركة، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة: أمة العرب من ذرية إسماعيل، وأمة بني إسرائيل، وأمة الروم من ذرية إسحاق.
  • وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴿113﴾ – أي منهم الصالح والطالح، والعادل والظالم الذي تبين ظلمه، بكفره وشركه، ولعل هذا من باب دفع الإيهام.
  • فإنه لما قال: “وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعلى إسحاق اقتضى ذلك البركة في ذريتهما، وأن من تمام البركة، أن تكون الذرية كلهم محسنين، فأخبر اللّه- تعالى- أن منهم محسنًا وظالمًا، واللّه أعلم.
  • يذكر- تعالى- مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه- تعالى-، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون.
  • وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

جزء أخر من سورة الصافات بالتفسير

  • وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿123﴾ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿124﴾ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ﴿125﴾ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿126﴾.
  • يمدح تعالى عبده ورسوله إلياس- عليه الصلاة والسلام- بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له “بعل” وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة.
  • وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟” وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟”
  • فَكَذَّبُوهُ – فيما دعاهم إليه، فلم ينقادوا له، قال اللّه متوعدًا لهم:
  • فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴿127﴾ – أي يوم القيامة في العذاب، ولم يذكر لهم عقوبة دنيوية.
  • إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿128﴾ – أي الذين أخلصهم اللّه، ومنَّ عليهم باتباع نبيهم، فإنهم غير محضرين في العذاب، وإنما لهم من اللّه جزيل الثواب.
  • وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ – أي على إلياس.
  • فِي الْآخِرِينَ ﴿129﴾ – ثناءً حسنًا.
  • سَلَامٌ على إِلْ يَاسِينَ ﴿130﴾ – أي تحية من اللّه، ومن عباده عليه.
  • إِنَّا كذلك نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿131﴾ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿132﴾ – فأثنى اللّه عليه كما أثنى على إخوانه- صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.
  • إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿134﴾ – فلما لم ينتهوا، نجاه اللّه وأهله أجمعين، فسروا ليلاً فنجوا.
  • إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿135﴾ – أي الباقين المعذبين، وهي زوجة لوط لم تكن على دينه.
  • ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ﴿136﴾ – بأن قلبنا عليهم ديارهم “فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ” حتى همدوا وخمدوا.
  • وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ – أي على ديار قوم لوط.

معنى الفلك المشحون في سورة الصافات

  • إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿140﴾ – بالركاب والأمتعة، فلما ركب مع غيره، والفلك شاحن، ثقلت السفينة، فاحتاجوا إلى إلقاء بعض الركبان.
    • وكأنهم لم يجدوا لأحد مزية في ذلك، فاقترعوا على أن من قرع وغلب، ألقي في البحر عدلا من أهل السفينة، وإذا أراد اللّه أمرا هيأ أسبابه.
  • فَسَاهَمَ – فلما اقترعوا أصابت القرعة يونس.
  • فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴿141﴾ – أي الغلوبين، فألقي في البحر:
  • فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ – وقت التقامه.
  • فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿143﴾ –  أي في وقته السابق بكثرة عبادته لربه، وتسبيحه، وتحميده، وفي بطن الحوت حيث قال: “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.
  • فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ – بأن قذفه الحوت من بطنه بالعراء، وهي الأرض الخالية العارية من كل أحد، بل ربما كانت عارية من الأشجار والظلال.
  • وَهُوَ سَقِيمٌ ﴿145﴾ – أي قد سقم ومرض، بسبب حبسه في بطن الحوت، حتى صار مثل الفرخ الممعوط من البيضة.
  • وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ﴿146﴾ – تظله بظلها الظليل، لأنها بادرة باردة الظلال، ولا يسقط عليها ذباب، وهذا من لطفه به، وبره.
  • ثم لطف به لطفًا آخر، وامْتَنَّ عليه مِنّة عظمى، وهو أنه أرسله:
  • وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ – من الناس.
  • أَوْ يَزِيدُونَ ﴿147﴾ – عنها، والمعنى أنهم إن ما زادوا لم ينقصوا، فدعاهم إلى اللّه- تعالى-.
  • فَآمَنُوا – فصاروا في موازينه، لأنه الداعي لهم.
  • فَاسْتَفْتِهِمْ – يقول- تعالى- لنبيه محمد- صلى اللّه عليه وسلم-: “فَاسْتَفْتِهِمْ” أي اسأل المشركين باللّه غيره، الذين عبدوا الملائكة، وزعموا أنها بنات اللّه، فجمعوا بين الشرك باللّه، ووصفه بما لا يليق بجلاله.
  • أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ﴿149﴾ – أي هذه قسمة ضيزى، وقول جائر، من جهة جعلهم الولد للّه- تعالى.
  • ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له وهو البنات التي لا يرضونهن لأنفسهم.
  • كما قال في الآية الأخرى “وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ”.

تكملة تفسيرات سورة الصافات

  • ومن جهة جعلهم الملائكة بنات اللّه، وحكمهم بذلك، وقال تعالى في بيان كذبهم:
  • أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ﴿150﴾ – خلقهم؟ أي: ليس الأمر كذلك، فإنهم ما شهدوا خلقهم.
  • فدل على أنهم قالوا هذا القول، بلا علم، بل افتراء على اللّه، ولهذا قال:
  • أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ – أي كذبهم الواضح.
  • لَيَقُولُونَ ﴿151﴾ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿152﴾.
  • أَصْطَفَى – أي اختار:
  • الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ﴿153﴾ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿154﴾ – هذا الحكم الجائر.
  • أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿155﴾ – وتميزون هذا القول الباطل الجائر، فإنكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول.
  • وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴿158﴾ – أي جعل هؤلاء المشركون باللّه بين اللّه وبين الجنة نسبًا، حيث زعموا أن الملائكة بنات اللّه، وأن أمهاتهم سروات الجن، والحال أن الجنة قد علمت أنهم محضرون بين يدي اللّه، ليجازيهم عبادًا أذلاء، فلو كان بينهم وبينه نسب، لم يكونوا  كذلك.
  • إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿160﴾ – فإنه لم ينزه نفسه عما وصفوه به، لأنهم لم يصفوه إلا بما يليق بجلاله، وبذلك كانوا مخلصين.
  • والمقصود من هذا، بيان عجزهم وعجز آلهتهم عن إضلال أحد، وبيان كمال قدرة اللّه تعالى، أي: فلا تطمعوا بإضلال عباد اللّه المخلصين وحزبه المفلحين.

الجزء الخامس عشر تفسير سورة الصافات بالتفصيل

  • وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ﴿164﴾ – هذا فيه بيان براءة الملائكة عليهم السلام، عما قاله فيهم المشركون، وأنهم عباد اللّه، لا يعصونه طرفة عين.
    • فما منهم من أحد إلا له مقام وتدبير قد أمره اللّه به لا يتعداه ولا يتجاوزه، وليس لهم من الأمر شيء.
  • وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ﴿165﴾ – في طاعة اللّه وخدمته.
  • وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴿166﴾ – لله عما لا يليق به، فكيف – مع هذا – يصلحون أن يكونوا شركاء للّه؟! تعالى الله.
  • وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ ﴿167﴾ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿168﴾ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿169﴾ – يخبر- تعالى- أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني.
  • ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا للّه العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة.
  • فَكَفَرُوا بِهِ ۖ  – وهم كَذَبَة في ذلك، فقد جاءهم أفضل الكتب فكفروا به، فعلم أنهم متمردون على الحق.
  • فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿170﴾ – العذاب حين يقع بهم، ولا يحسبوا أيضا أنهم في الدنيا غالبون.

تفسير آيات لسورة الصافات

  • وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴿171﴾ – قد سبقت كلمة اللّه التي لا مرد لها ولا مخالف لها لعباده المرسلين وجنده المفلحين.
  • فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ ﴿174﴾ – ثم أمر رسوله بالإعراض عمن عاندوا، ولم يقبلوا الحق، وأنه ما بقي إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب.
  • أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴿176﴾.
  • فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ – أي نزل عليهم، وقريبًا منهم.

الجزء الأخير من التفسير

  • فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ﴿177﴾ – لأنه صباح الشر والعقوبة، والاستئصال.
  • ولما ذكر في هذه السورة، كثيرًا من أقوالهم الشنيعة، التي وصفوه بها، نزه نفسه عنها فقال:
  • سُبْحَانَ رَبِّكَ – أي تنزه وتعالى.
  • رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿180﴾ – أي الذي عز فقهر كل شيء، واعتز عن كل سوء يصفونه به.
  • وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ﴿181﴾ – لسلامتهم من الذنوب والآفات، وسلامة ما وصفوا به فاطر الأرض والسماوات.
  • وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿182﴾ – الألف واللام، للاستغراق، فجميع أنواع الحمد، من الصفات الكاملة العظيمة، والأفعال التي ربى بها العالمين، وأدرَّ عليهم فيها النعم، وصرف عنهم بها النقم، ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم، وفي جميع أحوالهم، كلها للّه تعالى.
  • فهو المقدس عن النقص، المحمود بكل كمال، المحبوب المعظم، ورسله سالمون مسلم عليهم.
    • ومن اتبعهم في ذلك له السلامة في الدنيا والآخرة، وأعداؤه لهم الهلاك والعطب في الدنيا والآخرة.

اخترنا لك: سبب نزول سورة الفاتحة لابن كثير

في نهاية مقال سورة الصافات مكتوبة مع التفسير، كانت هذه سورة الصافات مع تفسيرها، فنرجو أن تكونوا استفدتم من هذا التفسير، آملاً أن يجعل الله- تعالى- القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، اللهم آمين.

مقالات ذات صلة