ثقافة التسامح

ثقافة التسامح، واحدة من الثقافات المهمة التي تدعو إليها الإنسانية بعد أن قامت بالدعوة إليها جميع الأديان السماوية والرسالات التي بعثها الله عز وجل مع أنبيائه على مر السنين والأمم المختلفة.
لهذا يجب أن نقوم عبر موقع مقال mqall.org بإلقاء الضوء على ثقافة التسامح، وهذا ما سوف نقوم به في هذا المقال.

ثقافة التسامح

  • إن التسامح واحد من المبادئ والأخلاق الإسلامية التي دعا إليها الدين الإسلامي في كتاب الله تعالى وفي أحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
  • فالتسامح فضيلة من الفضائل الإنسانية العظيمة التي يجب أن يتم غرسها في النفوس منذ الصغر.
  • والتي يجب أن توجد في جميع ضمائر البشر، من أجل التخلي والابتعاد عن المشاكل الاجتماعية والنفسية وأيضا الابتعاد عن المشاكل الدينية والثقافية.
  • خاصة أن هذه المشاكل تسبب أمور غير مستحبة بين البشر مثل انتشار الكره والحقد وأيضا الضرب والعنف والشعور الدائم بعدم الأمان والقلق، والتي بدورها تؤثر سلبا على حياة الأفراد والمجتمع.
  • قال تعالى في كتابه العزيز في سورة النحل: (ادْع إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ۚ إِنَّ رَبَّكَ هوَ أَعْلَم بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهوَ أَعْلَم بِالْمهْتَدِينَ).
  • قال الله عز وجل في سورة الأعراف: (خذِ الْعَفْوَ وَأْمرْ بِالْعرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
  • وهاتان الآيتان من الدلائل البسيطة على دعوة الله عز وجل للجميع البشر وخاصة المسلمين بالتحلي بصفة التسامح، وتقبل الآخر دون انتقاد أو مشاكل.

اقرأ أيضا: آثار التسامح على الفرد والمجتمع

أهمية التسامح

  • إن مصطلح التسامح من المصطلحات الهامة التي تتردد على ألسنة المفكرين والمصلحين، وغيرهم من الأشخاص.
  • ويحتوي مصطلح التسامح على أهمية كبيرة في تطبيقه حيث أنه يعود على الفرد والمجتمع بالكثير من الآثار الإيجابية اللازمة والضرورية.
  • حيث إن التسامح طريقة من الطرق التي يحصل بها الفرد على رضا الله، فمن رغب في الارتقاء إلى الدرجات العليا عليه كظم الغيظ والعفو ومسامحة الآخرين.
  • فقد ذكر الله تعالى هذا في كتابه الكريم قائلا: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) كما قال الله تعالى: (جَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْره عَلَى اللَّه).
  • وهذه من الأدلة العظيمة والمؤكدة على أن التسامح له جزاء عظيم وأجر كبير عند رب الرحمة والمغفرة، وخاصة أن المسلم الحق هو من عفا من قلبه وليس بلسانه فقط.
  • ومع استمرار المؤمن في العفو والصفح عن الآخرين تزال من كتابه الأخطاء، حتى يصل إلى رضا الله ونيل الحسنات وأعلى الأجور، فقال عز وجل: (وَإِن تَعْفوا وَتَصْفَحوا وَتَغْفِروا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَّحِيمٌ).
  • كما إن التسامح وسيلة إلى الشعور بالراحة والاطمئنان والسكينة، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في هذا الشعور: (رَحِمَ اللَّه رَجلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).
  • بالإضافة إلى أن الشخص المتسامح من السهل التعامل معه، ويكون مرحب به من الجميع ويكون من الأشخاص الذين يستحقون الدعاء لهم.
  • إلى جانب أن التسامح يمنع نشر الفساد والتكبر بين الناس، ويمنع نشر التجبر لأن المسامح من الأشخاص أصحاب النفوس السمحة والتي تعمل على نشر السعادة بين الآخرين.
  • لذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف الشخص المتسامح بأنه: (حرِّمَ على النارِ كل هيِّنٍ، ليِّنٍ، سهْلٍ، قريبٍ من الناسِ).
  • أيضا نجد إن التسامح يعمل على رفعة شأن الإنسان في الدنيا بين الآخرين وفي الآخرة عند رب العزة، لأن التسامح دليل على تمسك الإنسان بعقيدته تمسك قوي وعمله على تحقيق الشريعة الإسلامية.
  • إن التسامح من أفضل الوسائل لتحقيق الترابط الوثيق بين الأفراد ونشر التعاون بينهم، وبالتالي تؤدي لرقي المجتمع وتقدمه بين جميع المجتمعات الأخرى.

أنواع التسامح

إن التسامح توجد له أنواع مختلفة حيث إن معظم الأفراد لا يعرفون المعنى الحقيقي للتسامح إلّا عن طريق ارتباطها بكلمة الرحمة أو المغفرة، لكن توجد أنواع مختلفة للتسامح، منها:

التسامح الثقافي

  • نجد إن التسامح الثقافي يعتمد على عدم التعصب والتمسك بالأفكار الشخصية والتمسك بالثقافة التي تربى ونشأ عليها الفرد.
  • فالتسامح الثقافي يتطلب الحوار والحديث مع الآخرين، ومعرفة وجهات نظرهم وأيضا الثقافة التي ينتمون إليها دون انتقادها أو التقليل منها وأيضا عدم النفور منها.
  • حيث إن الإنسان يجب أن يكون لديه صدر رحب ومتقبل لثقافة الآخرين ومتقبل الأفكار المختلفة من أجل التوصل إلى الحقائق الثقافية والفكرية المتنوعة.

التسامح الديني

  • إن المعنى وراء التسامح الديني هو التسامح مع الأديان السماوية الأخرى التي يتبعها الآخرين.
  • وعدم منعهم من حرية ممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل وتبعه الصحابة في هذا.
  • كما يجب الابتعاد عن التعصب الديني والتمييز العنصري في الدين، وخاصة إن الإسلام هو دين التسامح والعدل وعدم الظلم فهو دين المساواة.
  • أيضا أوضح الله هذا النوع في كتابه الكريم قائلا في سورة البقرة: (آمَنَ الرَّسول بِمَا أنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمؤْمِنونَ كلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكتبِهِ وَرسلِهِ لاَ نفَرِّق بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رّسلِهِ).

التسامح الأخلاقي

  • هذا النوع من التسامح يكون عن طريق التعامل مع الأفراد الآخرين الذين يختلفون عنا في القضايا الاجتماعية بشكل رحب.
  • وخاصة إن القضايا الاجتماعية من أكثر الأمور التي تؤثر في البشر، لهذا فإن الاختلاف فيها وعدم التعامل بتسامح يؤدي إلى انتشار الخلافات الكبرى.

التسامح الاجتماعي

  • يعتبر التسامح الاجتماعي من الأسباب وراء العيش بشكل سلمي مع الآخرين، دون وجود مشاكل أو حدوث اختلافات.
  • وهذا التسامح يكون عن طريق تقبل أفكار الآخرين، وأيضا تقبل الممارسات التي يقومون بها، وبالتالي الإقرار بممارسة جميع الحقوق التي تخص الحرية في المجتمع.
  • كما أمرنا الله تعالى في سورة الممتحنة قائلا: (لاَ يَنْهَاكم الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يقَاتِلوكمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يخْرِجوكم مِّن دِيَارِكمْ أَن تَبَرّوهمْ وَتقْسِطوا إِلَيْهِمْ).

كما يمكنكم التعرف على: كلمات عن التسامح وصفاء القلوب

دور الإسلام في الدعوة للتسامح

  • إن التسامح يعد من أهم الصفات التي يجب أن توجد في كل مسلم، لأن الدين هو دين التسامح والعفو، ويوجد على هذا الكثير والكثير من الدلائل القرآنية وفي السنة النبوية، وأيضا القصص الدينية منذ خلق البشر.
  • لهذا فإننا نجد إن الله عز وجل قد أشار إلى أن المسلم يجب أن يضع في اعتباره أن التحلي بالتسامح من طاعة الله تعالى ومن أجل الفوز برضاه سبحانه.
  • حيث قال الله تعالى: (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّـهِ وَهوَ محْسِنٌ فَلَه أَجْره عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا همْ يَحْزَنونَ).
  • إلى جانب أن الإسلام أوضح أدب المجادلة مع الآخرين في أنها من صفات التسامح حيث قال سبحانه: (وَلاَ تجَادِلوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَموا مِنْهمْ وَقولوا آمَنَّا بِالَّذِي أنْزِلَ إِلَيْنَا وَأنزِلَ إِلَيْكمْ وَإِلَهنَا وَإِلَهكمْ وَاحِدٌ).
  • كما نجد عن الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم دلائل على التسامح في حياته كثيرة، منها قيل لرسول الله: يا نبي الله، أي العمل أفضل؟ قال: (الإيمان بالله والتصديق به والجهاد في سبيله). قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله. قال: (السماحة والصبر).

صفات ثقافة التسامح

إن التسامح يوجد له عدد من الصفات أو الخصائص التي يتميز بها عن غيره من الفضائل والمبادئ الإنسانية والإسلامية المفروضة، ومن هذه الخصائص ما يلي:

  • تعمل ثقافة التسامح على محو الحقد والكره اللذان يوجدان في داخل الضمائر البشرية، ويساعد في الابتعاد عن المفاهيم التي تتعلق بالعنف وانتشار الجريمة.
  • كما أن التسامح يعمل على تنمية روح المواطنة، وانتشار الديمقراطية بين جميع أفراد المجتمع، وهذا يساهم في خلق وعي سليم وبعيد عن مظاهر التأخر الاجتماعي الذي يعتمد على الكره والحقد.
  • كذلك نجد أن الثقافة الخاصة بالتسامح لها دور أساسي في تنمية المجتمع ثقافيا ودينيا وأيضا اجتماعيا.
  • والتسامح له القدرة على نبذ التعصب والبعد عن الأفكار المتشددة في اتخاذ القرارات والإجراءات الإجتماعية.
  • إلى جانب أن التسامح له دور فعال في تعزيز الشعور بالتعاطف والرحمة وأيضا نشر الحنان في قلوب البشر.
  • بالإضافة إلى أن نشر العلاقات الاجتماعية المبنية على التسامح تساعد في نشر الاحترام والتعاون المتبادل بين الجميع، وخاصة في المشاكل التي تعمل على التوتر الاجتماعي.
  • والتسامح يعد الطريق إلى الإحساس بالسلام الداخلي والشعور بالسعادة، والابتعاد عن الإحساس بالتشاؤم والاكتئاب، لأنه يعمل على ترسيخ المشاعر الإنسانية وتقوية مفهوم العفو والحب بين الأفراد.

كما يمكنكم الاطلاع على: قصة عن التسامح للأطفال

في نهاية مقال عن ثقافة التسامح نكون قد عرضنا لكم كافة المعلومات التي تخص صفة التسامح، ووضحنا لكم ضرورة وأهمية انتشار التسامح بين البشر، وأيضا الدلائل الدينية على أهمية التسامح، ونتمنى أن يكون المقال قد أعجبكم.

مقالات ذات صلة