من هي مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

من هي مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة المكرمة، يوم الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول، الموافق عشرين أو أثنين وعشرين من شهر أبريل سنة 571 ميلادية في أول عام حادثة الفيل.

وولد نبي الهدى صلى الله عليه وسلم يتيم الأب مات أبوه عبد الله، وأمه السيدة آمنة بنت وهب حامل فيه، وسنتكلم في هذا المقال عن رضاعه صلى الله عليه وسلم.

الأيام الأولى في حياته الشريفة

قالت السيدة آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أنها لما ولدته خرج منها نوراً أضاء قصور الشام).

وولد صلى الله عليه وسلم مسرورا مختوناً، وروي أن أربعة عشر شرفة من شرف إيوان كسرى سقطت عند مولده الشريف.

وأخمدت بعدها النار التي كانت يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة وروى ذلك الطبري والبيهقي.

ولما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت أمه آمنة إلى جده عبد المطلب، تبشره.

فأتاها مسرعاً مستبشرا، فحُبب له حفيده ودخل الكعبة، وأختار له أسم محمد، ودعا له ربه أن يحفظه من كل شر.

والجدير بالذكر أن أسم محمد لم يكن معروفاً عند العرب.

فأسم محمد لم يسم بها أحداً قبل تسميته به صلى الله عليه وسلم.

تابع أيضا: متى ولد رسول الله في مكة المكرمة في أي شهر

أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم

أرضعته أمه آمنة أسبوعاً، ثم تولت رضاعه ثوبه مولاة أبي لهب مع أبناً لها أسمه مسروح.

وكانت قد أرضعت قبله حمزة ابن عبد المطلب أسد الله ورسوله.

فغير أنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أخوه من الرضاعة.

وكذلك أرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.

عادة العرب في رضاع أولادهم

اعتاد العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، وأن يبعدوهم عن مكان ولادتهم حتى تقوى أجسادهم.

وتشتد أعصابهم، ويقوى بنيانهم ويتخوشنوا، حتى يعتادوا على البأس في القتال.

وكذلك ليتقنوا اللسان العربي منذ نعومة أظافرهم، فقام عبد المطلب بالتماس المراضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانت المراضع من عادتهن أن يأتين إلى مكة المكرمة يتلمسن أبناء الأغنياء.

وذلك حتى يستحوذوا على أكبر قدر من المال.

رسول الله صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد

عندما أتين المراضع إلى مكة المكرمة ليأخذن المواليد؛ أبين أن يأخذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفن أنه يتيم.

وكانت السيدة حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبد الله بن الحارث قد أتت من مكة متأخرة عن زميلاتها من المراضع فلم تجد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد وجدت أن كل المرضعات قد أبين أن يأخذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلت أن تأخذه وأن ترضعه.

وهذه هي المرضعة التي وقع عليها اختيار السيد عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان زوجها يدعى الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة من نفس القبيلة، وهي قبيلة بني سعد.

وكان له إخوة من الرضاعة قد أرضعتهم السيدة حليمة السعدية.

وهم عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث.

وحذافة أو جذامة بنت الحارث وهي الشيماء، وهو لقب غلب على أسمها.

وكانت الشيماء تحتضن رسول الله صلى الله عليه سلم.

وكذلك أبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً في بني سعد.

وقد أرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند أمه حليمة.

لذلك كان حمزة رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجهتين، من جهة ثويبة ومن جهة حليمة السعدية.

إذاً فأسد الله ورسوله حمزة بن عبد المطلب هو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرضاعة.

وليس من جهة واحدة بل من جهتين غير أنه عم رسول الله.

حليمة تحكي فقر حالها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم

تحكي حليمة السعدية العجب العجاب عن بركات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكانت تقول إنها خرجت من بلدها مع زوجها، وابناً لها صغير يسمى مسروح من بني سعد بن بكر تتلمس الرضعاء.

وقالت:

(لقد كان كذلك في سنة شهباً لم تبقى لنا شيئاً، (بمعنى سنة عصيبة قحط)، فقالت فخرجت إلى مكة.

ومعنا شارف، ومعنى شارف: هو الناقة المسنة، وهي ضعيفة نحيلة لا لبن لها ولا قطرة واحدة.

وكان الصبي الذي معنا يتلوى من شدة الجوع، ولم نكن نستطيع أن ننام من بكائه من شدة الجوع.

وما في ثدييي ما يغنيه، وما في ناقتنا ما يغديه أو يغذينا حتى شق ذلك علينا.

فكنت أنا وناقتي لا لبن لنا، ونحن في أشد الحاجة للطعام، وكنا نرجو الغيث والفرج.

فخرجت حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء.

فما من امرأة إلا وعرج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ورفضته عندما يقال لهن أنه يتيم.

حتى رأيته فوقع حبه في قلبي فقلت والله لأخذنه عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة.

وكان هذا هو رأي زوجي أيضاً، فذهبت إليه وأخذته، وما حملني على أخذه إلا أنني لم أجد غيره.

غير أنه قد وقع حبه في قلبي أيضاً.

تابع أيضا: 4 أمور أوصى بها رسول الله لاستجابة الدعاء في نفس اللحظة

بركات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته مع حليمة السعدية

فتقول حليمة عن بركات رسول الله منذ مولده الآتي:

(فلما أخذته رجعت إلى راحلتي، فلما وضعته في حجري أقبل علي ثديي بما شاء من اللبن.

فوجدت ثدييها قد أنتفخا من اللبن وكأنها عادت صبية صغيرة.

فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى روي.

وشرب معه أخوه حتى روي، ثم نام، وما كنا ننام معه قبل ذلك من بكائه المتواصل من جوعه.

حتى إنني لم أكن أجد ما أشبعه به، ولا حتى ما أشبع نفسي، ولا زوجي.

ثم قام زوجي إلى ناقتنا تلك، فإذا هي حافل، (وحافل: يعني ممتلئة باللبن).

فحلب منها وشرب وشربت معه حتى انتهينا ريً وشبعاً فبتنا بخير ليلة.

فقال لها زوجها:

(أتعلمي والله يا حليمة لقد أخذتنا نسمة مباركة، قلت والله إني لأرجو ذلك).

ثم خرجنا، وركبت أنا راحلتي وحملته عليها معي، فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شيء من حمرهم أي دوابهم.

إذ أن حليمة بسبب ضعف راحلتها، أتت آخر الواصلين إلى مكة.

وعند الرجوع كانت أول الواصلين إلى شعب بني سعد من قوة راحلتها.

وكل ذلك من بركات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانت الناس تتعجب وتقول:

(أهذه راحلتك التي خرجت عليها؟ فأقول لهن بلا والله إنها هي، فيقلن والله إن لها شأناً).

قالت:

(ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها.

فكانت غنمي تروح، على حين قدمنا بها معنا شباعاً ولباناً، فنحلب ونشرب وما يحلب إنساناً قطرة لبن ولا يجدها في ضرع.

بمعنى؛ أن أغنامها التي كانت ترعى في شعب بني سعد كانت ضعيفة نحيلة لا لبن لها.

وبمجرد أن وصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد حلت عليها البركة، فامتلأت ضروعها لبناً وأجسادها لحماً.

حليمة تأبى فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم

فتقول في هذا الشأن:(فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفطمته.

وكان يشب شباباً لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما ظفراً، أي قوياً شديداً.

قالت:(فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا لما رأيناه من خيرات وبركات على يديه المباركتين.

فكلمنا أمه فقلت لها:(لو تركت أبني عندي حتى يغلظ فأني أخشى عليه وباء مكة.

فقالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا، أي أنها أخذت تلح على أمه صلى الله عليه وسلم حتى رضت أن تأخذه معها.

حادثة شق الصدر

فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سعد.

حتى إذا كان بعد ذلك بأشهر على قول ابن إسحاق.

وفي السنة الرابعة من مولده صلى الله عليه وسلم وقعت له حادثة شق الصدر.

فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه؛ أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان.

ثم أخذه فألقاه على الأرضية، وشق قلبه أي فتح صدره، واستخرج منه قلبه.

واستخرج من قلبه علقة سوداء، وقال: (هذا حظ الشيطان منك).

وبعد ذلك غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه (أي جمعه، وضم بعضه إلى بعض).

بعبارة أخرى أرجع قلبه إلى صدره، ثم ضم فلقتي صدره حتى عاد كما كان.

وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره علامة فتح حتى توفاه الله.

وجاء الغلمان يسعون إلى أمه، يقولون إن محمداً قد قتل، وهرعوا إليه واستقبلوه وهو متغير اللون.

قال أنس، وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره صلى الله عليه وسلم.

وبعد هذه الحادثة خشيت عليه حليمة، وردته إلى أمه، فكان عند أمه وقد بلغ ست سنوات.

ورأت حليمة أنه وفاءً لذكرى زوجها أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب.

أن تزور قبره في يثرب، وخرجت من مكة، قاطعة رحلة تبلغ حوالي 500   كيلومتر، ومعها ابنها اليتيم سيد الخلق أجمعين.

وسيد ولد آدم قاطبةً؛ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب.

فمكثت شهراً، ثم همت بالعودة، وبينما هي راجعة، إذ أصابها المرض الشديد.

حتى أشتد عليها المرض، ثم ماتت بالأجواء بين مكة والمدينة فتوفاها الله.

وعلى ذلك كان أحب خلق الله إلى الله يتيم الأب ويتيم الأم وهو ابن ست سنوات.

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود الى مكة

وعاد به جده عبد المطلب إلى مكة، وهو ممتلئ بمشاعر شديدة، وفياضة في فؤاده.

يحنو على حفيده اليتيم الذي أصيب بمصابً جديد نكأ الجروح القديمة.

فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، وكان ملازماً له لا يتركه.

وليس ذلك فحسب وإنما كان يؤثره ويفضله على أولاده.

وقد كان يوضع لعبد المطلب فراشاً في ظل الكعبة، وكان أبنائه يجلسون حول فراشه، ولا يجرؤ أحد على الصعود عليه.

وكذلك لا يجلس عليه أحد إجلالاً له، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد كان يأتي وهو غلام، ويجلس عليه، فيأخذه أعمامه، ويؤخرونه عنه توقيراً، لأبيهم.

فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم:

(دعوه، دعوا ابني هذا، فوالله إن ابني هذا سوف يكون له شأن.

ثم يجلسه على فراشه، ويمسح ظهره بيده، فيسره ما يراه يصنع.

وبعد أن بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره الكريم.

توفى جده الحميم الرؤوف عبد المطلب بمكة ودفن فيها.

ولكن قبل موته كان قد أوصى أن يتعهد بكفالة حفيده عمه أبي طالب شقيق أبيه.

قد يهمك: مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفي نهاية مقالنا هذا الذي تناولنا فيه نبذة عن قصة رضاع، وميلاد، وتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من هي مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فنرجو أن نكون قد قدمنا لكم محتوى مفيد وهادف، ونتمنى منكم نشر المقال على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتعم الفائدة.

مقالات ذات صلة