من استطاع منكم الباء فليتزوج

من استطاع منكم الباء فليتزوج، يعتبر الزواج ليس فقط غريزة لقضاء الشهوة فحسب، بل هو فطرة إنسانية فطر الله الناس عليها، فالزواج هو ديدن الأنبياء من قبل، وكذلك هو سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

فبالزواج نحصن الفرد والمجتمع من الوقوع في دياجير الفسوق والرذيلة، ونبني الأمة على أساس متين، وعليه سنشرح في هذا المقال من استطاع منكم الباء فليتزوج.

من استطاع منكم الباء فليتزوج

لقد حث نبينا عليه الصلاة والسلام الشباب المسلم على الزواج وذلك تحصينًا لهم عن الوقوع في المعاصي والفواحش، فالشباب هم لبنة المجتمع الأساسية وركيزتها، فعندما يتزوج الشاب ويطفئ نار شهوته المتقدة.

عندها يتفرغ فكره وقلبه للإنتاج والإبداع، وهذا ما كان من شباب الصحابة الذين فتحوا البلاد في غضون بضع سنوات.

ولعلّ من أشهر الأحاديث التي حث بها النبي محمد عليه السلام الشباب على الزواج هو (يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ؛ فإنَّه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنّه له وِجاءٌ).

شاهد أيضًا: كيف ينظر الرجل للمرأة عندما يقرر الزواج منها

شرح الحديث

بعد أن بينا معنى من استطاع منكم الباء فليتزوج سنقوم بشرح الحديث الذي أوردناه في الفقرة السابقة، وسوف نقوم بعرض آراء العلماء في تفسير معنى كلمة (الباءة) وهناك قولان في ذلك:

  • الرأي الأول: القول الأول للعلماء قد أخذ المعنى اللغوي لكلمة (الباءة).
    • حيث أن هذه الكلمة تعني في اللغة العربية الجماع أو الوطيء.
    • وهي مشتقة كلمة (المباءة) وتعني المنزل أو الموضع الذي ينزل أو يأوي إليه الإنسان.
    • وعليه يصبح معنى الحديث الشريف: يا أيّها الشباب المسلم من كان منكم يستطيع الجماع والقيام بواجبه كزوج وإعطاء الزوجة حقها فلابد أن يتزوج.
    • لأن في الزواج وقايةٌ للفرج من الزنا والفاحشة، وغضٌّ للبصر عن كلِّ ما حرّم الله.
    • ومن لا يستطيع الجماع من الشباب لعلةٍ معينةٍ به فعليه أن يصوم.
    • لأن بالصيام وترك الطعام تخفيفٌ للشهوة الجنسية وتقليل لحجم السائل المنوي.
  • الرأي الثاني: وهو الذي أخذ به الكثير من الفقهاء والعلماء وهو أن معنى كلمة (الباءة) تتضمن بالإضافة إلى القدرة الجسدية للشاب على الجماع والنكاح.
    • القدرة على تأمين مؤونة الزواج من نفقاتٍ ومهر، وكذلك القدرة على إعالة الزوجة والإنفاق عليها من مأكل وملبس ومسكن.
    • لأن الإسلام كلف الزوج بالإنفاق على زوجته، وعندها يصبح معنى الحديث: يا شباب المسلمين من كان منكم قادرًا على الزواج سواءً القدرة الجسدية من حيث إمكانية الجماع.
    • أو القدرة المادية من حيث تَيسُّر المال والمورد الكافي للإنفاق على الزوجة والأولاد.
    • فعليه أن يتزوج، لأن في الزواج وقايةٌ للفرج من الزنا والفاحشة.
    • وغضٌّ للبصر عن كلِّ ما حرّم الله، ومن لا يستطيع الجماع من الشباب لعلةٍ معينةٍ به.
    • أو بسبب عدم امتلاك المهر، فعليه أن يصوم، لأن بالصيام تخفيفٌ للشهوة الجنسية وتقليل لحجم السائل المنوي.

الزواج في الشرع الإسلامي الحنيف

يمكن تلخيص الزواج في الفكر والشرع الإسلامي بالنقاط التالية:

  • لقد بين الشرع الإسلامي الحنيف أن الزواج هو ديدن وسنة الأنبياء والرسل على مر العصور والأزمان.
    • لأنه يوافق الفطرة والنفس البشرية، يقول ربنا عز وجل في سورة الرعد: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً).
  • كما أن الزواج هو سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد حثنا في عدد من الأحاديث الشريفة على الزواج.
    • فالإسلام ليس فيه رهبانيةً أو تبتل وإعراض عن الزواج والانقطاع للعبادة.
    • فالنبي عليه السلام وهو أكثر خلق الله طاعةً لله يتزوج النساء، فمن يرغب عن سنة النبي فليس منه.
  • كما ذهب كبار الفقهاء إلى أن الزواج مع اشتعال نار الشهوة في نفس الشخص فيه أجرٌ أكبر من أجر النوافل من العبادات.
    • وذلك لأن في الزواج إطفاء للشهوة الجنسية التي تشغل فكر الشاب عن القيام بالفرائض.
  • كما بين لنا النبي عليه الصلاة والسلام أن من بين الأشخاص الذي تكفل ربنا عزّ وجل بإعانتهم شاب يسعى من أجل أن يتزوج ويعفّ نفسه عن الحرام.
    • فقال عليه السلام (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ -تعالى- عونُهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والمكاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يريدُ العَفافَ).
  • كما أن الفقهاء قد عرّفوا الزواج: بأنه عقد بين رجلٍ وامرأة يحق بموجبه لكل منهما الاستمتاع بالآخر.
    • وبناء مجتمعٍ متماسك وأسرةٍ صالحة، وبالتالي نرى أن الزواج في الفقه الإسلامي ليس فقط من أجل قضاء الشهوة وحسب.
    • بل من أجل إنشاء أسرةٍ متماسكة تكون لبنةً قويةً في جسد المجتمع ككل.

اقرأ أيضًا: آيات قرانية عن الزواج

شروط الزواج في الإسلام

هناك عدد من الشروط لصحة الزواج في الإسلام تتمثل بما يلي:

  • تعيين العاقدين: حيث يجب أن يتم تحديد الزوج والزوجة التي يتم عقد قرانهما.
    • فعلى ولي الزوجة عندما يقول للذي يريد الزواج من ابنته.
    • زوجتك بنتي وموكلتي فلانة، أي يسميها بشكل محدد وذلك في حال كان لديه أكثر من بنت.
  • القبول المتبادل بين العاقدين: فلا زواج في الإسلام من غير قبول الطرفين فالزواج لا يُعقد بالإجبار.
    • وهذا تفسير قول النبي في الحديث الشريف (الأيِّمُ أحَقُّ بِنفسِها من ولِيِّها، والبِكرُ تُستأذَنُ في نفسِها، وإذْنُها صِماتُها).
  • حضور ولي الفتاة: من شروط صحة عقد الزواج في الإسلام هو أن يحضر ولي المرأة.
    • فلقد بين لنا نبينا عليه السلام أنه لا زواج بدون ولي للفتاة.
    • وفي حال عقد القران بدون ولي فهذا العقد باطل.
  • الشهود: ومن بين شروط الزواج أن يحضر الشهود العدول.
    • وهو مضمون كلام الرسول عليه السلام عندما بين لنا ألا زواج بدون حضور ولي المرأة والشهود.
  • عدم وجود أي مانع للزواج: من شروط صحة عقد الزواج ألا يوجد أي مانع من موانع الزواج بين الرجل والمرأة.
    • مثل وجود الرضاع بينهما، أو أن يكون الرجل غير مسلم، أو أن تكون المرأة غير مسلمة وغير كتابية.

حكمُ الزواج في الإسلام

يمكن أن نبين الحكم الشرعي للزواج في الإسلام بالنقاط التالية:

  • الزواج الواجب: يكون الزواج واجبًا في الإسلام.
    • عندما تكون الشهوة الجنسية كبيرة إلى حد أن يخاف الشخص على نفسه أن يرتكب الفاحشة.
    • وعندها لابد للمسلم أن يحصن فرجه من الزنا، وهذا لا يتم إلا بالزواج.
  • الزواج المستحب: ذهب الفقهاء إلى أن الزواج يكون مستحبًا للمسلم عندما يكون لديه الشهوة.
    • والرغبة في النساء دون خوفه على نفسه من الحرام.
    • حيث يكون مستحبًا لأن في الزواج تحقيق العديد من المصالح التي يستفيد منها عموم المجتمع المسلم.
  • الزواج المباح: يكون الزواج مباح في أحكام الفقه الإسلامي عندما لا يكون لدى الزوج الرغبة في الزواج.
    • ولكن يُشترط في هذا الزواج أن يكون هناك موافقة من قبل المرأة على عدم رغبة الرجل في الجماع.
    • لأن من شروط الزواج تحصين الزوجين من الحرام.
    • وفي حال موافقتها يُباح الزواج لوجود عدة مصالح بذلك.
  • الزواج المكروه: وقد وجد العلماء أن الزواج يكون مكروهًا عندما يخشى الرجل من عدم قدرته على إعطاء زوجته حقوقها الزوجية، وعندها سوف يقع في إثم ظلمه لزوجته.
  • الزواج المحرم: بيَّن الفقهاء أن الزواج في الإسلام يكون محرَّمًا في حال كان المسلم يعيش في دار الكفار الحربيين.
    • حيث أنه في حال زواجه يمكن أن تتعرض زوجته وأولاده للضرر من قبل الكفار.
    • ففي هذه الحالة يَحرُم على المسلم الزواج.

شاهد من هنا: حديث الرسول عن الزواج

وبالتالي نكون قد قمنا بتوضيح معنى من استطاع منكم الباء فليتزوج كما قمنا بشرح حديث النبي الذي يحث على الزواج، كما استعرضنا شروط وأحكام الزواج في الإسلام.

مقالات ذات صلة